ما معنى القادر أن يخلصه من الموت ؟(عب7:5)
يقول الكتاب "الذى فى أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من أجل تقواه. مع كونه ابنا تعلم الطاعة مما تألم به"؟
الرد
أن هذه الصلاة كانت "فى أيام جسده" أى بعد أن أتخذ جسداً وجاء بشراً، فصلى كإنسان مقبل على آلام أن "يعبر عنه الكأس" "يجتاز الكأس" "أن يخلصه من الموت"لا بمعنى الهروب أو التخلى عن تقديم ذاته ولكن بمعنى أعطائه المقدرة على تحمل الآلام غير المحدودة، أن "يجتاز الكأس" "أن يخلصه من الموت" لا بمعنى الهروب والتخلى عن المهمة، مهما الصلب، بل يخلصه من الموت بالقيامة من الأموات.
وقد تم ذلك "سمع له" فى شكل ملاك نزل من السماء يقويه" القوى التى أعطيت له من تلك اللحظة ليتحمل الصليب محتقراً. بل، مستهيناً بالعار والخزى. "سمع له" أيضاً بالخلاص من الموت، أى بالقيامة من الأموات فى اليوم الثالث كقول الكتاب: "لذلك سر قلبى وتهلل لسانى حتى جسدى أيضاً سيسكن (مطمئنا) على رجاء. لأنك لم تترك نفسى فى الهاوية ولا تدع قدوسك يرى فساداً"أى أن صلاته أجيبت "سمع له" بالقدرة الفائقة التى ظهرت فى تحمله الآلام الغير محدودة وأيضاً بالقيامة من الأموات. وإن كان هو يعلم تماماً أن الألم والموت أمر محتوم أزلاً وقد جاء مخصوص لكى يبذل ذاته عن حياة العالم إلا أنه كإنسان إضطرب أمام الآلام الغير محدودة وأمام الموت الكفارى، وكإنسان صلى وكان لابد أن يطلب المعونة، وكإنسان ونائب عن البشرية كان لابد أن يبين هول ومرارة وقسوة الآلام الآتية عليه ويطلب من الآب المعونة، وأن يسلم إرادته للآب كى تسلم البشرية معه إرادتها للآب. ومع أنه كإله واحد مع الآب فى الطبيعة والإرادة ككلمة الله السرمدى، وكإله متجسد له طبيعة واحدة من طبيعتين ومشيئة واحد من مشيئتين، إلا أنه كان لابد أن يسلم الإرادة للآب كإنسان ونائب عن البشرية، وكإنسان كان لابد أن يطلب من الآب أن يقيمه من الأموات مع أنه هو الذى وضع ذاته بإرادته –كالإله المتجسد وقام من الموت بسلطان لاهوته كقوله "لى أن سلطان أن اضعها ولى سلطان أن آخذها أيضاً. ليس أحد يأخذها منى بل أضعها أنا من ذاتى".