ترنّمي أيتها العاقر المستوحشة (أشعياء 1:54)
هل تنبأ النبى أشعياء فى هذه النبوة عن نبى آخر أو أرض يولد فيها نبي ؟؟؟
" تَرَنَّمِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ. أَشِيدِي بِالتَّرَنُّمِ أَيَّتُهَا الَّتِي لَمْ تَمْخَضْ لأَنَّ بَنِي الْمُسْتَوْحِشَةِ أَكْثَرُ مِنْ بَنِي ذَاتِ الْبَعْلِ قَالَ الرَّبُّ. " (أشعياء54/1).
ظنَّ بعض الكتّاب من الإخوة المسلمين أنَّ هذه الآية نبوّة تشير إلى نبيّ المسلمين ومكة باعتبار كونه من ذرية إسماعيل وأن يزداد أتباعه عن أتباع أنبياء إسرائيل!!
وقال الشيخ رحمه الله الهندي " إن المراد بالعاقر مكّة لأنَّه لم يظهر منها نبيّ بعد إسماعيل ولم ينزل فيها وحي بخلاف أورشليم، وبنو المستوحشة إشارة إلى أولاد هاجر لأنّضها كانت بمنزله المطلقة". وقال عما ورد في (الآية 12) قوله " هَئَنَذَا قَدْ خَلَقْتُ الْحَدَّادَ الَّذِي يَنْفُخُ الْفَحْمَ فِي النَّارِ وَيُخْرِجُ آلَةً لِعَمَلِهِ وَأَنَا خَلَقْتُ الْمُهْلِكَ لِيَخْرِبَ "(8)!!
ولهذه الآية معنيان؛ معنًى حرفيّ ومعنًى روحيّ، فالحرفي هو أنَّ بني إسرائيل سيُعتقون من أسر بابل ويُرَدّون إلى أورشليم وتمّت هذه النبوة بالمعني الحرفيّ المذكور في أيام كورش ملك فارس سنة 536 ق م " وَفِي السَّنَةِ الأُولَى لِكُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ عِنْدَ تَمَامِ كَلاَمِ الرَّبِّ بِفَمِ إِرْمِيَا نَبَّهَ الرَّبُّ رُوحَ كُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ فَأَطْلَقَ نِدَاءً فِي كُلِّ مَمْلَكَتِهِ وَبِالْكِتَابَةِ أَيْضاً قَائِلاً: هَكَذَا قَالَ كُورَشُ مَلِكُ فَارِسَ: جَمِيعُ مَمَالِكِ الأَرْضِ دَفَعَهَا لِي الرَّبُّ إِلَهُ السَّمَاءِ وَهُوَ أَوْصَانِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتاً فِي أُورُشَلِيمَ الَّتِي فِي يَهُوذَا. مَنْ مِنْكُمْ مِنْ كُلِّ شَعْبِهِ لِيَكُنْ إِلَهُهُ مَعَهُ وَيَصْعَدْ إِلَى أُورُشَلِيمَ الَّتِي فِي يَهُوذَا فَيَبْنِيَ بَيْتَ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ. هُوَ الإِلَهُ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ " (عزرا1/1-3).
والمعنى الروحي شرحه القديس بولس بالروح " قُولُوا لِي، أَنْتُمُ اَلَّذِينَ تُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا تَحْتَ اَلنَّامُوسِ، أَلَسْتُمْ تَسْمَعُونَ اَلنَّامُوسَ؟ فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ لإِبْرَاهِيمَ اِبْنَانِ، وَاحِدٌ مِنَ اَلْجَارِيَةِ وَاَلآخَرُ مِنَ اَلْحُرَّةِ. لَكِنَّ اَلَّذِي مِنَ اَلْجَارِيَةِ وُلِدَ حَسَبَ اَلْجَسَدِ، وَأَمَّا اَلَّذِي مِنَ اَلْحُرَّةِ فَبِالْمَوْعِدِ. وَكُلُّ ذَلِكَ رَمْزٌ، لأَنَّ هَاتَيْنِ هُمَا اَلْعَهْدَانِ، أَحَدُهُمَا مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ اَلْوَالِدُ لِلْعُبُودِيَّةِ، اَلَّذِي هُوَ هَاجَرُ. لأَنَّ هَاجَرَ جَبَلُ سِينَاءَ فِي اَلْعَرَبِيَّةِ. وَلَكِنَّهُ يُقَابِلُ أُورُشَلِيمَ اَلْحَاضِرَةَ، فَإِنَّهَا مُسْتَعْبَدَةٌ مَعَ بَنِيهَا. وَأَمَّا أُورُشَلِيمُ اَلْعُلْيَا، اَلَّتِي هِيَ أُمُّنَا جَمِيعاً، فَهِيَ حُرَّةٌ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: {افْرَحِي أَيَّتُهَا اَلْعَاقِرُ اَلَّتِي لَمْ تَلِدْ. اِهْتِفِي وَاُصْرُخِي أَيَّتُهَا اَلَّتِي لَمْ تَتَمَخَّضْ، فَإِنَّ أَوْلاَدَ اَلْمُوحِشَةِ أَكْثَرُ مِنَ اَلَّتِي لَهَا زَوْجٌ.
وَأَمَّا نَحْنُ أَيُّهَا اَلإِخْوَةُ فَنَظِيرُ إِسْحَاقَ، أَوْلاَدُ اَلْمَوْعِدِ. وَلَكِنْ كَمَا كَانَ حِينَئِذٍ اَلَّذِي وُلِدَ حَسَبَ اَلْجَسَدِ يَضْطَهِدُ اَلَّذِي حَسَبَ اَلرُّوحِ، هَكَذَا اَلآنَ أَيْضاً. لَكِنْ مَاذَا يَقُولُ اَلْكِتَابُ؟ { اطْرُدِ اَلْجَارِيَةَ وَاِبْنَهَا، لأَنَّهُ لاَ يَرِثُ اِبْنُ اَلْجَارِيَةِ مَعَ اِبْنِ اَلْحُرَّةِ. إِذاً أَيُّهَا اَلإِخْوَةُ لَسْنَا أَوْلاَدَ جَارِيَةٍ بَلْ أَوْلاَدُ اَلْحُرَّةِ." (غلاطية4/21-31). حيث تمّ عندما رجعت الأمم عن عبادة الأصنام التي دانوا لها من قديم الزمان إلى عبادة الله قبلوا إنجيل المسيح ومن غريب الاتفاق أنَّ بولس قرّر في هذا الإصحاح عدم أفضلية بني هاجر على بني سارة الروحيّين عدا حرمانهم من الميراث.
مقتبس من كتاب هَلْ تَنَبّأَ الكِتَابُ المُقدّس عَنْ نَبِيٍّ آَخَرٍ يَأتِي بَعْدَ المَسِيحِ؟ (القمص عبد المسيح بسيط)