هل موسى يحذر الله (عدد16:14)؟
هل يُعقل أن موسى يخيف الله ويحذره من قتل الشعب لئلا تقول الشعوب "لأن الرب لم يقدر أن يُدخل هذا الشعب إلى الأرض التي حَلفت لهم قتلهم في القفر" (عدد 14: 16)؟ ندحل إلى الرد
الرد
يتكلم موسى مع الله بسجيته، وأيضًا يجهد كل طاقاته العقلية والقلبية دفاعًا عن شعبه، فتارة يتوسل لله أن يصفح عن الشعب أو يمحوا اسمه من سفر الحياة، وتارة يحتج بشماتة الشعوب إذا أفنى الله شعبه وأنه سيتفوَهون على الله قائلين أنه عجز عن أن يُدخل شعبه أرض كنعان لذلك قتلهم في البرية، . ولم يقصد موسى أن يُعلم الله أمرًا لا يعرفه، إنما يعلم بأن الله عالِم بكل شيء، فقط يريد أن يحرك مشاعر الله وعطفه وشفقته تجاه هذا الشعب، ويحرك غيرة الله على اسمه ومجده، وللمرة الثانية ينجح موسى في استصدار عفو إلهي عن الشعب، حتى وإن كان العفو هذه المرة لم يكن مطلقًا، إنما منح الشعب فرصة من الوقت حتى ينقرض فيه الجيل الخارج من مصر من سن عشرين سنة فصاعدًا، ويأتي بأولادهم ليملكوا أرض الموعد.
يقول الأرشيدياكون نجيب جرجس " فلو سمعت هذه الشعوب الوثنية أنك قتلت شعبك.. فإن هذه الشعوب ستجدف على مجدك وعلى قدرتك وتظن أنك لم تقدر أن تدخل شعبك إلى أرض كنعان كما وعدت آباءهم، ولذلك قتلتهم في البرية. ما أعظم احتجاج موسى في شفاعته لأنه طلب من الرب أن يعفو عن شعبه، ليس لأجل محبته للشعب فقط، بل أيضًا من أجل مجده تعالى وسمعته بين الشعوب، لكي تتأكد جميع الشعوب من قدرته وصدق مواعيده وتمتلئ كل الأرض من معرفة الرب ومخافته".
مقتبس من كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها - أ. حلمي القمص يعقوب