هل تنبأ إشعياء عن غزوة بنى قريظة ؟
«أَمَّا أَنْتُمُ الَّذِينَ تَرَكُوا الرَّبَّ وَنَسُوا جَبَلَ قُدْسِي وَرَتَّبُوا لِلسَّعْدِ الأَكْبَرِ مَائِدَةً وَمَلَأُوا لِلسَّعْدِ الأَصْغَرِ خَمْراً مَمْزُوجَةً 12فَإِنِّي أُعَيِّنُكُمْ لِلسَّيْفِ وَتَجْثُونَ كُلُّكُمْ لِلذَّبْحِ لأَنِّي دَعَوْتُ فَلَمْ تُجِيبُوا تَكَلَّمْتُ فَلَمْ تَسْمَعُوا بَلْ عَمِلْتُمُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ وَاخْتَرْتُمْ مَا لَمْ أُسَرَّ بِهِ». 13لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «هُوَذَا عَبِيدِي يَأْكُلُونَ وَأَنْتُمْ تَجُوعُونَ. هُوَذَا عَبِيدِي يَشْرَبُونَ وَأَنْتُمْ تَعْطَشُونَ. هُوَذَا عَبِيدِي يَفْرَحُونَ وَأَنْتُمْ تَخْزُونَ. 14هُوَذَا عَبِيدِي يَتَرَنَّمُونَ مِنْ طِيبَةِ الْقَلْبِ وَأَنْتُمْ تَصْرُخُونَ مِنْ كآبَةِ الْقَلْبِ وَمِنِ انْكِسَارِ الرُّوحِ تُوَلْوِلُونَ. 15وَتُخْلِفُونَ اسْمَكُمْ لَعْنَةً لِمُخْتَارِيَّ فَيُمِيتُكَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَيُسَمِّي عَبِيدَهُ اسْماً آخَرَ. 16فَالَّذِي يَتَبَرَّكُ فِي الأَرْضِ يَتَبَرَّكُ بِإِلَهِ الْحَقِّ وَالَّذِي يَحْلِفُ فِي الأَرْضِ يَحْلِفُ بِإِلَهِ الْحَقِّ لأَنَّ الضِّيقَاتِ الأُولَى قَدْ نُسِيَتْ وَلأَنَّهَا اسْتَتَرَتْ عَنْ عَيْنَيَّ».(اش 11:65-16)
جاء فى نسخة لبنان بدل المترجم لفظة السعد الأكبر لفظة جاد وبدل لفظة السعد الأصغر بلفظة مناة وترجم النص هكذا ونسيتم جبلى المقدس وهيأتم مائدة جاد ومزجتم الخمر للالهة مناة ويعلق الكهنة المدلسون جاد ومناة إلهان عند الكنعانيين والحقيقة أن لفظ مناة تشير إلى الصنم الذى أخبر عنه القران الكريم فى سورة النجم(ومناة الثالثة الأخرى) وجاد ومناة هما ما سماهما الله عزوجل (الجبت والطاغوت) فى سورة النساء أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا (51)
ونص إشعياء يرسم مشهد القصاص وضرب الاعناق والجثو على الركب فقد حبسهم رسول الله فى حصنهم فقد جاء بهم المؤمنون فرداً فرداً وهم مرعبون يولولون يقودونهم للذبح !!!!
الرد
*من يقرأ الاصحاح الخامس والستون من البداية يدرك تماماً أن الكلام موجه إلى بنى اسرائيل وفى العدد الذى اقتباسة المعترض يصف ذلك أَمَّا أَنْتُمُ الَّذِينَ تَرَكُوا الرَّبَّ:هذا الكلام موجه لليهود ويوجهه إشعياء لقومه ومن سيأتي بعدهم.وجَبَلَ قُدْسِي : أى أورشليم والهيكل وهو مركز العبادة فى ذلك الوقت. وَرَتَّبُوا لِلسَّعْدِ الأَكْبَرِ مَائِدَةً وَمَلَأُوا لِلسَّعْدِ الأَصْغَرِ خَمْراً مَمْزُوجَةً :إشعياء يذكر هنا عبادة السيارات وهى النجوم والمذكورون فى هذه الآيه كانوا يقدمون ذبائح ويسكبون خمراً ثم يجلسون ويأكلون اللحم ويشربون الخمر إكرماً لإلهين المذكورين .
فَإِنِّي أُعَيِّنُكُمْ لِلسَّيْفِ وَتَجْثُونَ كُلُّكُمْ لِلذَّبْحِ :الرب يذكرهم هنا أن التعيين بيده فهو يعينهم للسيف لأنهم تركوه وبما أنهم جثوا للآصنام سيجثون للذبح ويكون هلاكهم من أنفسهم لأن الرب دعا فلم يجيبوا وتكلم فلم يسمعوا واختاروه ما لايسره وتم هذا الوعد لما سقطت أورشليم عن يد نبوخذ نصر ولما سقطت عن يد الرومانيين وفى نزول مصائب اليهود فى كل جيل .[1]
*الخلاصة : شعب اسرائيل ترك الرب وعبد الأصنام والرب حذرهم كثيرا لكن هم تركوا أنفسهم للعبادة الوثنية فكان عقاب الرب لهم بان سلط عليهم من سباهم بالسيف كما ذكرنا فلا يوجد هنا ذكر لبنى قريظة ولا غيره فيجب قرءاة النصوص فى سياقها التاريخى .
* جاد ومناة إلهان عند الكنعانيين هذا ما يؤكده المؤرخ خزعل الماجدى[2] فى كتاب تاريخ القدس القديم منذ عصور ما قبل التاريخ حتى الاحتلال الروماني ص107 :حيث ذكر فى حديثة عن الالهه الوثنية مايلي:
وقد عرفنا أن الاله (سحر) ظهر باسم (إيزيس) و(عزي) أما الاله (شالم) فيدل على الغروب وموت الشمس واختفاؤها والالهه (مناة) فى منشئها إلهه الموت والقدر عند البابليين العراقيين وعرفت بنفس اسمها العربى عندهم (مناتو) وعن البابليين عرفها الكنعانييون والآراميون والأنباط إلى أن وصلت عبادتها العرب الجاهليين فيما بعد فعرفوها بنفس الاسم أو ما يقاربه (مني) وذكرت منى متوحدة مع الاله (جاد) إله قبيلة جاد فى العهد القديم .
* عندما نرجع لتفسير القرطبى عن الجبت والطاغوت لا نجد ما يؤكد كلمات المعترض :
قوله تعالى: "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب" يعني اليهود "يؤمنون بالجبت والطاغوت" اختلف أهل التأويل في تأويل الجبت والطاغوت؛ فقال ابن عباس وابن جبير وأبو العالية: الجبت الساحر بلسان الحبشة، والطاغوت الكاهن. وقال الفاروق عمر رضي الله عنه: الجبت السحر والطاغوت الشيطان. ابن مسعود: الجبت والطاغوت ههنا كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب. عكرمة: الجبت حيي بن أخطب والطاغوت كعب بن الأشرف؛ دليله قوله تعالى: "يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت "[النساء:60]. قتادة: الجبت الشيطان والطاغوت الكاهن. وروى ابن وهب عن مالك بن أنس: الطاغوت ما عبد من دون الله. قال: وسمعت من يقول إن الجبت الشيطان؛ ذكره النحاس. وقيل: هما كل معبود من دون الله، أو مطاع في معصية الله؛ وهذا حسن. وأصل الجبت الجبس وهو الذي لا خير فيه، فأبدلت التاء من السين؛ قاله قطرب. وقيل: الجبت إبليس والطاغوت أولياؤه. وقول مالك في هذا الباب حسن؛ يدل عليه قوله تعالى: "أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت "[النحل: 36] وقال تعالى: "والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها "[الزمر: 17]. وروى قطن بن المخارق عن أبيه قال: قال رسول الله: (الطرق والطيرة والعيافة من الجبت ). الطرق الزجر، والعيافة الخط؛ خرجه أبو داود في سننه. وقيل: الجبت كل ما حرم الله، الطاغوت كل ما يطغي الإنسان. والله أعلم.
فالعلماء اختلفوا في من هو الجبت والطاغوت وليس كما يدعى المعترض جاد ومناة هما ما سماهما الله عزوجل الجبت والطاغوت !!!
مقتبس من كتاب نصوص عسرة الفهم (تحت الطبع) جرجس خليل
-2- شاعر عراقيّ ولد في كركوك 1951 ،
حاصل على شهـادة الدكتوراه في التاريخ القديم 1996،
عمل في وزارة الثقافة والإعلام العراقية/دائرة السينما والمسرح لغاية 1998
ثم استاذاً جامعياً في جامعة درنة في ليبيا للفترة من 1998-2003
مدرسـاً للتاريـخ القديم وتاريخ الفن.
عـاد إلى العراق في آب 2003.
وهو مؤلف مسرحيّ لإضافـة إلى كونه مؤلفاً لأكثر من عشرين كتابـاً في المثولوجيا والتاريخ القديم والأديان القديمة.
يقيم الان خارج العراق