هل تنبأت المزامير بنجاه المسيح من الصليب مز 20 المقال الثالث
يعتقد البعض أن المسيح نجا من موت الصليب فى هذا المزمور بناءا على نص الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه، فهل بالفعل الله خلص المسيح من الموت؟ هيا ندخل إلى عمق الشبهة والرد عليها مع الدكتور/ فريز صموئيل
كتبت هالة شحاتة: "يقول النصارى عن المزامير إن فيها تنبوءات بما حدث في حياة المسيح – فإن سلمنا جدلاً بصحة قولهم – فلنقرأ معاً ما تنبأت به هذه المزامير:
ورد في المزمور العشرين: "ليستجب لك الرب في يوم الضيق ليرفعك اسم إله يعقوب، ليرسل لك عوناً من قدسه.. ليعطك حسب قلبك ويتمم كل رأيك فترنم بخلاصك.. ليكمل الرب كل سؤلك.. الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه يستجيبه من سماء قدسه بجبروت يمينه.."
إنه من العجب العجاب أن يستدل النصارى من هذا النص على عقيدة المخلص الفادي مع أن النص واضح وضوح الشمس بأنه دليل نجاة المسيح وخلاصه بجبروت الله وقوته المتمثلة في يمينه، فهو يوضح استجابة الله للمسيح عندما دعاه وتوسل إليه طالباً النجاة من الموت في وقت ضيقه، الذي لم يرد عليه وقت ضيق مثل هذا الوقت الذي تآمر فيه اليهود عليه لصلبه فرفعه الله إليه وخلصه من كيد أعدائه"
( النصرانية، خواطر وأفكار، هالة شحاتة عطية، 149 – 150 ، 2008)
التعليق:
سنوجز الرد على هذا الادعاء في ثلاث نقاط:
أولاً: أساسيات في تفسير المزامير:
1- المزامير هي مجموعة من الصلوات والترانيم العبرية ذات الوحي الإلهي، وقد كتبت على هيئة شعر باللغة العبرية.
2- صنف المفسرون المزامير إلى سبعة أنواع: المراثي، الحمد، التسبيح، الخلاص، الحكمة، الاتكال، الاحتفالات، وكل مجموعة من هذه المزامير تتكون من عناصر واضحة.
3- المزامير ليست كلها نبوات عن المسيح، فعدد المزامير الذي جاءت فيه نبوات عن المسيح حوالي 13 مزموراً (مز2، مز8، مز16، مز22، مز40 ، مز45، مز69، مز72، مز89، مز109، مز110، مز111، مز132)
4- كون أن مزموراً يتنبأ عن المسيح، فهذا ليس معناه أن كل ما جاء في المزمور نبوة عن المسيح، فربما تكون النبوة في آية واحدة فقط.
ثانياً: هل مزمور 20 نبوة عن يسوع المسيح؟
لقد جاء في هذا المزمور "الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه، يستجيبه من سماء قدسه، بجبروت خلاص يمينه" (مز 20 : 6)
هل هذا النص يعني أن الله استجاب للمسيح عندما دعاه وتوسل إليه فخلصه من اليهود ورفعه إليه؟
إن هذا الإدعاء يدل على عدم فهم نص المزمور، أو النقل عن آخرين دون دراسة وذلك لما يلي:
1- المسيح قد صلب ومات والأدلة على ذلك واضحة ومؤكدة ولا يمكن إنكارها، ومن هذه الأدلة:
أ- نبوات العهد القديم مثل: مز22 ، إش 53.
ب- أقوال المسيح نفسه مثل حادثة الصلب:
"من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يُظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيراً من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويُقتل وفي اليوم الثالث يقوم" (مت 16 : 21)، وقد تكررت أقوال المسيح مُعلنة عن كل التفاصيل التي تتعلق بصلبه وموته (مت 17 : 9 ، مت 20 : 17 – 19 ، يو 3 : 14 – 17 ، يو 6 : 15 ...إلخ) وإذا كان المسيح قد أعلن عن موته، فهل نستطيع أن نكذب ما قاله؟ بالطبع مستحيل.
ج- شهود العيان:
لقد كان هناك شهود عيان كثيرين من ساعة القبض على المسيح حتى صلبه وبعد قيامته من الموت ظهر لتلاميذه مدة أربعين يوماً (أع 1 : 3). ومن هؤلاء الشهود الرسول يوحنا الذي يقول: "والذي عاين شهد وشهادته حق وهو يعلم أنه يقول الحق لتؤمنوا أنتم" (يو19 : 35)
فلكي نكذب شهادة هؤلاء الشهود علينا أن نأتي بشهود عيان معاصرين للحدث يقولون بخلاف ما قال هؤلاء الشهود، وحيث إن هذا غير ممكن، إذاً فلابد أن نصدق ما قالوه: بأن المسيح مات، وقام، وظهر لهم.
2- إذا كان المسيح قد مات، فكيف يُذكر في (مز20 : 6) أن الله قد خلص مسيحه، هل يناقض الكتاب نفسه؟ بالطبع لا وذلك لأن (مز20 : 6) ليس نبوة عن يسوع المسيح، لأنه ليس في كل مرة يُذكر فيها المسيح في سفر المزامير يكون المقصود هو يسوع المسيح فكلمة "المسيح" تعني "الممسوح بالزيت لأداء مهمة خاصة، وقد أُطلق هذا اللقب في العهد القديم على:
أ- الملوك: (مز89: 38 و 51) اللذين كانوا يتولون مناصبهم بعد مسحهم بالزيت مثل شاول (1صم 10:10) وداود (1صم 16 : 13)
ب- الأنبياء: يقول الرب: "لا تمسوا مسحائي، ولا تسيئوا إلى أنبيائي" (مز105 : 15 ، وأيضاً 1مل 19 : 16)
ثالثاً: إذا كان ما جاء في (مز 20 : 6) ليس نبوة عن يسوع المسيح، فما هو التفسير الصحيح للنص؟
هذا المزمور كتبه الملك داود، وكان الملك داود قبل الدخول في أية حرب يقدم الذبائح لله ويُسلم أمره لله، وكان الشعب أثناء تقديم هذه الذبائح يرنم كلمات هذا المزمور، أي أن هذا المزمور هو دعاء ترفعه الأمة كلها إلى الله مُصلية من أجل الملك طالبة من الله أن ينصره وأن يستجيب صلاته.
ويمكن تقسيم هذا المزمور إلى:
أ- الشعب يصلي من أجل الملك (مز20 : 1-5)
ب- قائد الترانيم يؤكد استجابة الصلاة (مز 20 : 6-8)
ج- صلاة ختامية من الشعب كله (مز 20 : 9)
الخلاصة:
إذاً (مز20 : 6) ليس نبوة بنجاة المسيح من الصلب ورفعه إلى السماء، بل هو صلة من الأمة حتى يخلص الرب مسيحه (داود الملك) وينقذه من الموت في الحرب التي سيخوضها.