ما معنى قول المسيح "إن أمكن فلتعبر عنى هذه الكأس ؟
الرد
أولا : لا يمكن فهم القول...بمعنى الرغبة فى الهروب من الصليب. لقد دعى (بطرس) ذاك ذهب إعلاناً من الآب وقد طوبه ووهبه مفاتيح ملكوت السموات. دعاه "شيطاناً"، ودعاه "معثرة" وأتهمه أنه لا يهتم بما لله...هذا كله لأنه قال له: "حاشاك يا رب لا يكون لك هذا "رأى لا يكون لك أن تصلب. فكيف إذاً لا يرغب فى الصليب...؟ قال بنفسه: "أيها الآب قد أتت الساعة مجد ابنك". لقد تكلم هنا عن الصليب كمجد، فكيف يستعفى عنه، وها هو يستعجله؟!".
ثانياً: إن هذه العبارة فد سجلها لنا الإنجيلى لتأكيد تجسده ودخوله فعلاً تحت الآلام (لهذا السبب أيضاً كانت قطرات العرق تتدفق منه، وظهر ملاك ليقويه، وكان يسوع حزيناً ومغتماً، إذ قبل أن ينطق بتلك الكلمات (ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت) قال "نفسى حزينة جداً حتى الموت...لقد أعلن المشاعر البشرية الحقيقية بوضوح، تأكيداً لحقيقة تجسده وتأنسه).
ثالثاً: بجانب تأكيده للتجسد قدم لنا نفسه مثالاً عملياً بهذا التصرف الحكيم (هناك إعتباراً آخر لا يقل أهمية عنه...وهو أن السيد المسيح جاء على الأرض، راغباً فى تعليم البشرية الفضائل، لا بالكلام فقط إنما بالأعمال أيضاً. وهذه أفضل وسيلة للتدريس...لقد أوصى تلاميذه أن يصلوا: "لا تدخلنا فى تجربة" معلماً إياهم بهذه الوصية عينها بوضعها فى صورة عملية قائلاً: يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عنى هذه الكأس". هكذا يعلم كل القديسين ألا يثبوا بأنفسهم فى المخاطر غير ملقين أنفسهم بأنفسهم فيها...فماذا؟ حتي يعلمنا إتضاع الفكر، وينزع عنا المجد الباطل...صلى كمن يعلم الصلاة، ولكى لا نطلب ألا ندخل فى تجربة، ولكن إذ لم يسمح الله بهذا، نطلب منه أن يصنع ما يحسن فى عينيه، لذلك قال: "ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت"، ليس لأن إرادة الابن غير إرادة الآب، إنما لكى يعلم البشر أن يقمعوا إرادتهم فى إرادة الله ولو كانوا فى ضيق أو إضطراب، حتى وإن أحدق بهم الخطر، ولو لم يكونوا راغبين فى الأنتقال من الحياة الحاضرة".