المسيح لم يصلب لأن المصلوب ملعون !
شهدت التوراة أن المصلوب ملعون من الله ، وذلك بقولها لأَنَّ المُعَلقَ مَلعُونٌ مِنَ اللهِ.(تث23:21) ومن الغريب أن المسيحيين يدعون أن المسيح هو الله .فهل يلعن الله نفسه؟ واللعن كما هو معروف هو الطرد من رحمة الله . وحيث غير جائز أن يكون المسيح ملعونا ، فالمعلق لاشك سواه .
الرد
جاء في (تث 21 : 22 ، 23) «وَإِذَا كَانَ عَلَى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا الْمَوْتُ، فَقُتِلَ وَعَلَّقْتَهُ عَلَى خَشَبَةٍ، فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلاَ تُنَجِّسْ أَرْضَكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا.
وفي الشريعة اليهودية، مَنْ يعلق على الصليب كان يقتل أولاً رجماً بالحجارة أو بأي طريقة أخرى حسب نصوص الشريعة أو حكم القضاة، ثم تعلق جثته على عمود من الخشب أو على شجرة أو صليب تشهيراُ بذنبه، ولكي يراه الكثيرون فيعتبرون. وقد قضت الشريعة أن الذي يقتل وتعلق جثته تنزل من على الخشبة في نفس اليوم الذي علق فيه وتدفن، وذلك لأن المعلق ملعون من الرب، أي واقع تحت غضبه ومحروم من بركته لأنه كسر ناموسه وتعدى عليه بعمله الفظيع الذي استحق عليه لا الموت فقط، بل التشهير أيضاً. أي أن :
1 – اللعنة ليست لأن الشخص معلق على الخشبة، لكن لأنه كسر الوصية فتم فيه حكم الموت حسب الشريعة، ثم علق على الخشبة.
2 – كون المسيح علق على خشبة الصليب، فهذا لا يعني أنه ملعون. ولكننا نؤمن أن: اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ(غل13:3-14).
فكيف صار المسيح لعنة من أجلنا ؟
المسيح قد افتدانا، بمعني أنه دفع فدية ليستردنا من اللعنة الناتجة عن فشلنا في تتم وصايا الناموس، وذلك بأن صار لعنة لأجلنا. والصيرورة هنا لا يمكن أن تكون فعلاً طبيعياً، يتم بتغيير في طبيعة الإنسان، لأن الوحي المقدس يشهد عن المسيح منزهاً اياه عن أي تغيير في طبيعته،
فيعبر عنه الرسول بقوله عنه : لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ(عب26:7)
فهو القدوس الذي قال عنه الملاك المُبشر بولادته للعذراء المباركة :«اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.(لو35:1) وقد كانت شهادة القديس بطرس الرسول عنه بالوحي الإلهي «الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ»، الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا، وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْل. (1 بط 2 : 22-23).
ولكنه صار لعنة على قياس قول الرسول : لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ (2 كو21:5) بمقتضى النص النبوي : كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. (إش6:53) .. هذا هو مبدأ النيابة العام الذي يعامل به الخالق القدوس جميع ابناء الجنس البشري.
لأنه مكتوب ملعون كل مَنْ علق على خشبة : هنا بين الرسول كيف صار المسيح لعنة ؟
أولاً : بالنسبة لحكم الناموس (تث22:21-23)
ثانياً : بالنسبة لتنفيذ الحكم في وقوعه عليه
هكذا تم الأمر وعلق السيد المسيح على خشبة إتماماً لم تنبأ به عن نفسه مشيراً إلى أية ميتة كان مزمعاً أن يموت (يو13:12 ، 32:18)، حيث قال كما رفع موسي الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان (يو14:3). وبين ذلك لليهود في قوله : متي رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون إني أنا هو (يو28:18)، وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلى الجميع (يو32:12). هذا الارتفاع الذي يشير إليه السيد المسيح هو التعليق على الخشبة. كما عبر عنه القديس بطرس الرسول :قتلوه معلقين إياه على خشبة (أع1 : 38 ـ 39 ) وأوضحه القديس بولس الرسول قائلاً : ولما تمموا كل ما كتب عنه، أنزلوه عن الخشبة (أع 13 : 29) التي علقوه عليها)).
فالسيد المسيح قد حمل خطايانا، ومات فداء عنا، تحمل اللعنة، لكي تتحقق لنا البركة، وقد فعل ذلك حباً وطواعية باختياره
((إن ما بدا لناقدي المسيح أمراً مخزياً، بل بغيضاً، رآه أتباعه أمراً مجيداُ للغاية … إلا أن أعداء الإنجيل لم يشاركوا هذه النظرة، ولا يشاركون فيها. وليس ثمة شرخ بين الإيمان وعدم الإيمان أعظم من الشرخ القائم بينهما من حيث موقف كل منهما تجاه الصليب. فحيث يري الإيمان مجداُ، لا يري عدم الإيمان سوي الخزي.
فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، وأما عندما نحن المخلصين في قوة الله (1 كو18:1).
لأن اليهود يسألون آية واليونانيين يطلبون حكمة. ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوباً، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة (1 كو22:1-23).
مقتبس من كتاب من هو المصلوب د. فريز صموئيل