الرد على الدكتور سيد القمني في هجومه على الكتاب المقدس 1
هذه أو مقالاتنا في الرد على الدكتور سيد القمني في تفنيد ما ذكره على قناة القاهرة والناس حيث خرج علينا الدكتور سيد القمني في سلسلة حلقات مهاجمًا الكتاب المقدس، وكانت الحلقة الأولى يوم 25 أكتوبر 2018 وتحدث فيها عن عدم اضطهاد اليهود في مصر، مؤكدًا أن هذا لم يحدث
فهل حدث اضطهاد لليهود في مصر كما تقول التوراة؟
أم أن المصريون لم يضطهدوا اليهود بحسب قول البعض ومنهم الدكتور سيد القمني؟
على أساس ان السيدات المصريات أعطوهن الحلي الذهبية بأمان، وذلك وفقًا لتعبير التوراة "سلبوا المصريين" لنفتش ونرى
الرد
سنقدم في هذا المقال الدليل التوراتي والدليل التاريخي
مع كل احترامي للقمني كمفكر وكشخص، وبعيدا عن أي أمور سياسية ليس هنا مجالها، أدعوه وأدعو كل عاقل ومنصف ليرى ماذا تقول التوراة عن فكرة وجود شعب إسرائيل بمصر وبعيدًا عن تلك الفتاوي التي لا تؤيدها نصوص وروح التوراة
- ماذا ستقول يا د. قمني على كلام الله الموثق الواضح في التوراة لأبو الاباء إبراهيم عندما أعلن له ان نسله سيتغرب ويستعبد قبل حدوث ذلك بوقت كبير " فقال لأبرام: «اعلم يقينا أن نسلك سيكون غريبا في أرض ليست لهم، ويستعبدون لهم. فيذلونهم أربع مئة سنة. ثم الأمة التي يستعبدون لها أنا أدينها، وبعد ذلك يخرجون بأملاك جزيلة." (تكوين 15: 13، 14)
- سفر الخروج يبين كيف استُعبد ذلك الشعب في العمل الشاق في عبودية قاسية منها
"فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعنف، ومرروا حياتهم بعبودية قاسية في الطين واللبن وفي كل عمل في الحقل. كل عملهم الذي عملوه بواسطتهم عنفا." (خروج 1: 13، 14)
وكيف صرخ الشعب للرب الاله ؟! وكيف أنقذهم وعبر بهم؟ أليس كل هذا اضطهادًا؟!!!
- الم تسمع عن مقدمة الوصايا العشر التي أعطاها الله لموسى النبي؟ " أنا هو الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية." (تث 5: 1)
-وهكذا يحكي أنبياء العهد القديم بل وأيضا العهد الجديد نفس الأحداث، ومنها ما حكاه شهيد المسيحية أسطفانوس في العهد الجديد (أعمال الرسل 7: 19)
هناك عشرات النصوص في العهد القديم التي تحدث عن خروج شعب إسرائيل من مصر، واضطهاد المصريون لليهود، والعبودية القاسية التي عاشوها في تلك الحقبة
الدليل التاريخي
وإذا كان الدكتور القمني لن يقتنع بما في التوراة فنقدم له دليل خارج التوراة، دليل تاريخي- يؤيد أن اليهود لاقوا الاضطهاد في مصر
دليلنا الأول:
من كتاب "تاريخ بني إسرائيل من أسفارهم" الأستاذ محمد عزة دروزة، وفي الصفحة 76 يذكر أنه من الاستدلال بأوراق البردي المصرية تعود للقرن الرابع عشر قبل الميلاد- وقد تحدث عنها محمد دروزة في صفحة 30- أن تسخير اليهود واضطهادهم قد بلغ ذروته في عهد رمسيس الثاني أعظم ملوك الأسرة التاسعة عشر
دليلنا الثاني:
من كتاب " تاريخ مصر من أقدم العصور " لمؤلفه " بريستد " حيث يذكر الآتي:
خروج بني إسرائيل من مصر في عهد منفتاح الثاني في ظروف الارتباك الذي حدث في مصر وقتها، وأن السحرة والمنجمين نصحوا منفتاح بتعذيب بني إسرائيل، وظهر فيهم موسى وانتهي الأمر بخروجهم وطاردهم منفتاح وقتل منهم مقتلة عظيمة، وقد اعتمد بريستد في معلوماته على المدونات اليونانية القديمة والمؤرخ المصري القديم ماثنيون الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد. ويقول بريستد أنه قرأ نصوصا مكتوبة في طيبة (الأقصر) يفتخر فيها منفتاح الأول بتنكيله ببني إسرائيل وباقي سكان فلسطين حين ثاروا عليه
ولنا دليل ثالث في موقع أهل القرآن
على موقع أهل القرآن يقول أحد الكُتاب في أحد المقالات عن تحديد شخصية فرعون موسى:
" ففي القرآن ما يرجح أن فرعون موسى شخص واحد، هو الذي اضطهد بني إسرائيل وهو الذي طاردهم إلى أن غرق بجنوده، في البحر.
تفهم ذلك من قول تعالى حاكيا عن تلك الفترة (وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ )( الأعراف 127 ) . أى أن الاضطهاد استمر متصلا قبل مجيء موسى وبعده، والعدو الذي يمارس الاضطهاد شخص واحد، وهو الذي سيلقي الهلاك وسيخلفه بنو إسرائيل في الأرض ..
وفي سورة القصص تفصيلات أكثر يتضح منها أن فرعون موسى شخص واحد وملك واحد . يقول تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ) ( القصص 4: 8 ) .
أي أن الفرعون الذي اضطهد بني إسرائيل هو نفسه الذي كفل موسى وهو نفسه الذي كان موسى سببا في ضياع ملكه، بل أن الملأ هو نفس الملأ، وهامان هو نفسه هامان في سنوات الاضطهاد وفي الغرق أيضا."
- وسأنهي تعليقاتي بثلاث نقاط:
أولاً: شرح لعبارة " فسلبوا المصريين " لتقرأ العدد كاملا " وَأَعطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ." (خر 12: 36)
التركيب العبري هكذا:
أنه لهذا السبب، الرب أعطى نعمة للإسرائيليين فى عينى المصريين، فقاموا بأعطائهم الذهب والحلي، وهي تعني (أي جعل المصريين يحترمونهم) فقام المصريون بإقراضهم ما طلبوه، وهكذا (أى بهذه الطريقة) سلبوا المصريين. وهذا ما تكلم عنه الله لابو الاباء إبراهيم قبلها بوقت كبير، اى ان ذلك هو الاجر العادل لعملهم الشاق.
ثانيا: رغم عبودية الشعب في مصر، ولكن ما أكثر الصور المضيئة والوعود لمصر بعد ذلك، هكذا تنبأ العهد القديم وهكذا تحقق بمجيء المسيح، بل نرى صورة معكوسة، أن إسرائيل ارادت قتله وهو طفلاً وهو كبيرًا، فنرى شعب اليهود وهم يطالبون بصلبه بعد ذلك وهو الطاهر النقي، ولكن على النقيض كانت مصر هى الملجأ له وللعائلة المقدسة وهم هاربين من أرض إسرائيل في طفولته، ونرى خلاص المسيح يمتد لمصر لتهتز أوثانها بعد ذلك مع بشارة كاروز الديار المصرية.
ثالثا: أنه بعد معصية ابوينا وسقوط الجنس البشري في المعصية، دبر الله خطة لخلاصنا، وكانت من خلال العهد مع الإباء إبراهيم واسحق ويعقوب ومنهم اختار ذلك النسل ليجيء منهم ابن داود المخلص الذي هو يسوع المسيح، ولكن عندما كان ذلك الشعب يخطيء كان الله يؤدبهم ويعاملهم بنفس الميزان العادل والتوراة تشهد على قساوة قلوبهم ولكن أيضا كيف حقق الله مقاصده العجيبة لخلاص كل من يؤمن.
سعيد صموئيل
أكتوبر 2018