ما معنى أن المسيح كلمة الله ؟
هل سُمي المسيح كلمة الله لأن الله خلقه قائلاً "كن فيكون"؟ أم لهذا اللقب معنى وسبب آخر؟ هل يوجد شخص آخر تم تسميته بذات اللقب، أم أن المسيح وحده فقط صاحب هذا اللقب؟
يذكر الكتاب المقدس عن المسيح أنه كلمة الله فيقول فى: يوحنا1: 1 "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ." وفى يوحنا1:14 "وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا."رسالة يوحنا الأولى5: 7 "فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ." رؤيا يوحنا19 : 13 "وَهُوَ مُتَسَرْبِلٌ بِثَوْبٍ مَغْمُوسٍ بِدَمٍ، وَيُدْعَى اسْمُهُ «كَلِمَةَ اللهِ»." فما معنى كلمة الله؟ هل يعنى كن فيكون؟ أم يعنى شئ آخر؟
كلمة الله المسيح لا يعنى كن فيكون. لماذا؟
1- لا يمكن أن يكون المسيح مدعو بكلمة الله لأنه مخلوق بكلمة (كن فيكون) لأن كل البشر مخلوقون بكلمة (كن فيكون) فهل كل البشر يطلق عليهم كلمة الله؟ لا. الوحيد الذي أُطلق عليه الكتاب المقدس هذا اللقب هو المسيح. وكل المخلوقات بما فيها الحيوانات والنباتات والكواكب وغيرها مخلوقة (بكن فيكون) ولكن ليست كلمة الله.
2- يذكر كذلك القران الكريم، أن الوحيد كلمة الله هو المسيح، ولم يطلق هذا اللقب على شخص آخر، ولو أن تسمية المسيح -كلمة الله- ترجع إلى خلقه بكن فيكون، فلماذا لم يتم تسمية آدم كلمة الله بناء على الآية آل عمران 59 "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ."؟ عيسى مثل آدم قال له كن فيكون، فلماذا لم يتم تسمية آدم كلمة الله، طالما أنه والمسيح مخلوقان بكلمة كن فيكون؟
3- يوجد معنى ومفهوم آخر، لفظ "الكلمة" بمعنى اللفظ أو العبارة أو المقالة لفظ مؤنث
والأفعال والضمائر الخاصة بها مؤنثة، أيضًا أما المراد بلفظ "الكلمة" فى يوحنا1: 1 وكما يتضح من الآية، هو الله ذاته لذلك الفعل المستعمل مع الكلمة مذكر وليس مؤنثًا ولاحظ فى القران الكريم أن (كلمة الله) تأتى مذكر وليس مؤنثًا مع أن لفظ "الكلمة" مؤنث ففي سورة آل عمران 45 يقول "اسمه" وليس "اسمها". إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم "
4- كلمة الله يعنى "المعبر عن فكر الله"، فأي فكرة فى عقلي لا يراها أحد من الناس، إلا إذا قمت بنطقها أو كتابتها، فهنا الكلمة عبرت عما فى فكرى، والكلمة تجسدت لتعبر عن فكري فى كلام منطوق أو مكتوب.
5- لفظة كلمة فى اليونانية (لوجوس) ويعنى (المعلن لله) أما اللفظ المترجم للدلالة على
القول العادي فى اليونانية (لكسيز) وفى العبرية يوجد لفظان مختلفان تُرجم الأول (امرا) يعنى أمر ويراد به القول العادي أما الثاني (دابار) مذكر ومعناه (تدبير) ويراد به العلم أو المعرفة أو القوة غير المنظورة ويشبه فى معناه اللوجوس
6- المكتوب عن المسيح أنه اللوجوس فى يوحنا1: 1 أي "كلمة الله" المعلن لله فهو الله نفسه، وليس كن فيكون والدليل الآيات التالية فى يوحنا1: 3–4 "كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. 4فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ."..كل شئ به وبدونه لا شئ مما خلقه الله وفيه كانت الحياة، فمن هو؟
7- نقول "الكلمة بنت شفه" أي أن الكلمة التي ننطقها خرجت من الشفاه، فكانت بنت الشفاه، ولم يحدث تزاوج بين الشفتين، ونقول محب ابن مصر، ولا تزاوج هنا، ويقول القران الكريم ابن السبيل ولا تزاوج أيضًا، فالمسيح ابن الله، من ذات طبيعة الله، ومن جوهره، لذلك
قال عنه الكتاب المقدس ابن الله ولا يوجد أي تزاوج بل معنى روحي تام.
الاعتراض الأول:
قيل لفظ "اللوجوس" فى سفر الاعمال6: 2 " لاَ يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ " فكلمة الله هنا هى اللوجوس وبالتالي لم يقصد بالمسيح أنه اللوجوس.
الرد: يقول الدكتور عبد الوهاب المسرى فى موسوعته اليهودية والصهيونية "لوجوس" كلمة يونانية تعنى "قول" أو "كلام" أو "فكر" أو "عقل" أو "معنى" أو "دراسة" أو "علم"
فيتضح أن للكلمة عدة استخدامات، يُفهم المعنى المقصود من سياق النص.. ففي هذه الآية فى سفر الأعمال يتحدث عن التبشير بكلمة الله، عن إعلان محبته للبشر فى المسيح يسوع، أما فى إنجيل يوحنا 1 يقصد بها المعلن لله.
الاعتراض الثاني:
يقول سفر حزقيال37: 4–10 .. قال للعظام اسمعي كلمة الرب لتحيا وفى ارميا 1 يقول.. كانت كلمة الرب إلى إرميا النبي، أي أن كلمة الرب تعنى كن فيكون، فالمسيح مخلوق بكلمة كن فيكون وليس الله
الرد: كلام الرب أو كلمة الرب هنا لا تعنى كن فيكون:
1- حزقيال حين يقول للعظام "اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ هكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِهذِهِ الْعِظَامِ" أي أن الرب أمر متكلمًا بإعادة دخول الروح فى العظام فهذا يعنى كلامًا الفاظًا وتعبيرات، فالأمر بإعادة إحياء العظام هو ألفاظًا قالها الله، كأن يقول المسيح للعازر "هلم خارجًا" فقد
قال ألفاظًا، تعبر عن إعادة إحياء لعازر من الموت.
2- تكلم الله إلى إرميا كلامًا وألفاظًا، عبّر له من خلالها أنه يعرفه قبل خلقه. ولا علاقة لكل هذا بكون المسيح كلمة الله.
الاعتراض الثالث:
"فى البدء كان الكلمة" التي فى يوحنا1: 1 هى تمامًا "فى البدء خلق الله السماوات والأرض" فى تكوين1: 1 فلا فرق بين البداية هنا والبداية هنا، وهذا يدل على أن للمسيح بداية مثله مثل باقى البشر، وبالتالي تسقط عنه الإلوهية.
الرد: يوحنا1: 1–5 "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ."
تكوين1: 1 "فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ."
1- كلمة البدء فى تكوين1: 1 يقصد بها بدء خليقة الله، لكن كلمة البدء فى يوحنا1:1
يقصد بها تاريخ سابق لبدء خليقة الله، أو سابق لكل شئ يمكن أن يُتخذ مقياسًا للزمن.
2- يُفهم من سياق النص أن البداية فى سفر التكوين، توضح أن هذا فى زمن معين حيث خلق الله السموات والأرض.
3- أما آية إنجيل يوحنا، فالآية التالية لها "كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان" فالمقصود هو أزلية المسيح، فهو سبب وجود كل شئ، وشهادة الكتاب المقدس عن أزلية الابن أو الكلمة، واضحة جدًا فى العهد القديم والجديد.
4- تقول الآية فى (البدء كان) وليس خُلق الكلمة أو وُجد الكلمة.
5- (والكلمة كان عند الله) تدل على أن الكلمة كان مُلازمًا لله، فمن المنطق إذًا أن يكون الكلمة أيضًا لا بدء له.
6- كلمة (كان) فى الأربع فقرات الأولى تختلف عن (كان) فى الفقرتين الأخيرتين، ففي الأربع فقرات الأولى فى اليونانية (إين) ويراد بها الكينونة الدائمة أو الوجود الدائم أي (كان ولا يزال). أما فى الفقرتين الأخيرتين فكلمة (كان) فى اليونانية (اجنتو) يراد بها الكينونة التي تمت فى الزمان، مما يدل على أن الابن لم يوجد كمخلوق بل موجود منذ البدء.
7- (الكلمة عند الله) لا يقصد بها المكانية بل الصلة الأزلية بين الله وكلمته.
8- كلمة (عند) فى اليونانية (بروس & تون) تدلان على الارتباط والتوافق .
فالمسيح كلمة الله أي هو المعبر عن الله، هو الله الظاهر فى الجسد ورأينا فيه الله.
المراجع
1 عوض سمعان، الله فى المسيحية (القاهرة: الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة، 1993) 177
2 موسوعة اليهودية والصهيونية – الدكتور عبد الوهب المسيرى – المجلد الأول – الجزء الثالث، الباب الأول. الحلولية ووحدة الوجود والكمونية ، (القاهرة: 2003) 202
3 عوض سمعان، الله فى المسيحية (القاهرة: الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة، 1993) 175 – 176
مقتبس من كتاب
هل قال المسيح بكلام صريح أنا الله؟
لوثر خليل