الرد على الدكتور سيد القمني في هجومه على الكتاب المقدس 2
قدم الدكتور سيد القمني بعض الحلقات على قناة القاهرة والناس وأشار في حديثه لبعض الأمور في التوراة والعهد القديم، وقد هاجم سيادة بعض النقاط وكذّب بعض ما في العهد القديم، الذي استلزم أن نناقشه الفكر بالفكر، والقلم بالقلم
قدمنا في المقال السابق ردًا حول مسألة اضطهاد اليهود في مصر، وهو ما نفاه تمامًا الدكتور سيد القمني، والذي أكدنا بالدليل التوراتي والتاريخي، ويمكنك للقارئ العودة للمقال السابق الموجود على اللينك التالي
وفي حلقة 25 أكتوبر 2018 قال الدكتور سيد القمني
أن شعب الله منذ خروجهم من مصر يعبدون ربا مصريًا !!
ولوجودهم في أرض جاسان (محافظة الشرقية حاليًا) وهي منطقة الاله ست فقد عبدوا ذلك الاله ست الشرير ولذلك تجنبوا نطق اسمه !!
وان اسم الاله كان في سفر التكوين: ايل ولم يظهر اسم يهوه والذي يعني اللي (هو) أو (verb to be) ولكن ظهر بعد ذلك !!
الرد
سأحكي لك قصة يا د. قمني لتشرح لك طريقة تفكيرك في الاله الحي، فيبدو أنه لا جديد تحت الشمس !!
ذات مرة هجم بنهدد ملك ارام بجيش جرار على ملك إسرائيل وهو يتوعده بأن الهته ستسحقهم، وكانت المعركة في منطقة جبلية، ولكن شجع أحد الأنبياء شعب الله لكيلا يخافوا لان الرب اى يهوه سيعلن عن قوته "فتعلم أني أنا الرب" 1ملوك 20: 13 وهُزم بنهدد وهربوا، فأقنعوه قادته ان سر هزيمتهم تمت لأن إله إسرائيل هو إله جبال لذلك ان هاجموا مرة ثانية في السهل سيسحقون إله إسرائيل، وجربوا مرة ثانية وهٌزموا مرة ثانية هزيمة كبيرة، وهنا أدرك الجميع أن إله إسرائيل لا يقارن بتلك الالهة الوثنية وان له السلطان على كل الخليقة.
ولذلك أقدم ذلك التوضيح:
نحن جميعًا نفتخر بحضارة اجدادنا المصريين الذين سبقوا العالم في كل شيء ولكن تلفيق أمور غير حقيقية لن يزيدهم مجدًا، بل يٌسمى باسمه: تزوير للتاريخ او تزوير للحق !!!
ولا أعلم ما هي مصادرك لكل تلك المغالطات التي تسقط تماما امام أي دراسة بسيطة موضوعية، فكيف تفكر بطريقة الاراميين الوثنيين انه يوجد إله لكل مكان، فالتوراة تعلن عن إله واحد لذلك الشعب هو الله الحقيقي لكل الأرض وسيتم التوضيح في النقط التالية:
اولاً: فكرة أن شعب إسرائيل لم يكن يعرف اسم إلهه ولذلك لم ينطقوه: هذا الكلام يلوي الحقيقة !! فقد ذُكرت أسماء كثير تعبر عن شخص الله الخالق منها : اسم الله 2602 مرة ، واسم اله 6497 مرة ،واسم يهوه اى الكائن بذاته 6828 مرة وغيرها من أسماء وصفات ليعلن بها الخالق عن شخصه المبارك، وتلك الأسماء موجودة من اول سفر التكوين وتملأ كل العهد القديم لتعلن عن الإله الواحد .
ثانيًا: ما معنى كلمة ايل؟ ايل كلمة عبرية تعني: إله وهي الكلمة العامة التي تطلق على أي إله سواء كان حقيقي او وثني، ولكن ما أكبر الهوة بين الاله الحقيقي وبين الالهة الوثنية !!
ثالثًا: تقول ان اسم يهوة لم يظهر الا بعد الخروج من أرض مصر ولكن ذلك الكلام غير صحيح فسفر التكوين الذي يسبق سفر الخروج بالنص العبري به اسم يهوه 143 مرة قبل لقاء موسى النبي مع الله في العليقة خروج 3 !! بل كان اسم يهوه في سفر أيوب الذي كتب قبل التوراة .
رابعًا: دعني أُقدم لك مثال في تكوين 2 " وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ (Gen 2:7) كلمة الرب من العبري تنطق يهوه، الاله تنطق: ايلوهيم، وهذا من سفر التكوين، أي قبل لقاء الرب الاله مع موسى.
خامسًا: لا اعرف من اين اتيت بفكرة ايل وايله، إله مذكر واله مؤنث !! فكلمة الله تؤكد على فكرة الرب الاله الواحد " «اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. "تث 6: 4
لدينا خالق واحد هو الرب الاله ، ليس لدينا تلك الأفكار الغريبة والوثنية ، ليس لدينا اله مذكر والهه مؤنثة !!!
توضيح لنقطة : لماذا سال موسى عن اسم الله عندما راى شجرة العليقة تحترق بنار ؟
-لا يعني سؤال موسى أن اسم يهوه لم يكن معروف، بل كما ذكرنا أن الله يقدم نفسه أنه نفس اله الإباء ،ولكن سؤال موسى يعني: اين انت يا رب أمام كل تلك المذلة والعبودية التي عاني فيها شعبك، كيف أعلن عن اسمك لذلك الشعب ؟اين عهدك ؟
- فالله اعلن عن الكثير من صفاته من البداية ، في التكوين نجد اسم يهوه بإعلانات مختلفة ليكشف فيها الله عن شخصه المبارك مثل:
- دعا باسم الرب أي يهوه: "حينئذ ابتدئ أن يدعى باسم الرب" تك 4: 26
- الاله العلي: “وملكي صادق، ملك شاليم، .... وكان كاهنا لله العلي" تك 14: 18
- الرب السرمدي: “وغرس إبراهيم أثلا في بئر سبع، ودعا هناك باسم الرب الإله السرمدي " تك 21: 33 كلمة الرب هنا هي يهوه
- ولذك كانت إجابة الرب الاله: “أنا الرب وأنا ظهرت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب بأني الإله القادر على كل شيء. وأما باسمي يهوه فلم أعرف عندهم" خر 6: 3
فموسى لم يأت باله جديد ولكنه نفس اله الإباء ورغم ذكرالاسم مرات كثيرة في تاريخ الإباء، لكن ذلك الإعلان عن الله وعن ذاته وطبيعته لم يكن معلن بتلك الطريقة الواضحة ، فهو الموجود بذاته ليحقق عهده مع الإباء ويخلصهم .
يقول القديس أغسطينوس : " قال الله " أنا هو الكائن " وأيضًا " هكذا تقول لبني إسرائيل الذي هو كائن أرسلني إليكم " فهو لم يقل " الرب الإله، القدير، الرحوم، العادل " تلك الأسماء التي إذا كان قد قالها فهي حق بكل تأكيد، ولكنه إرتفع إلى ما هو أعلى من كل ما يمكن أن يُسمى به الله أو يُدعى، وأجاب بأنه ينبغي أن يُدعى الكينونة ذاتها، وكأن هذا هو اسمه الأول"
سادسًا: صحيح أن شعب إسرائيل تجنب نطق اسم يهوه الذي يعني: الكائن بذاته، وهم تجنبوا ذلك ليس بالطريقة السلبية والغير موضوعية كما ذكرت انهم كانوا يقولون "اللي هو"! لكنهم تجنبوا ذلك تقديسا وتوقيرا لاسمه، ولكن كانوا يرونها في النص "يهوه" ويقرأونها "ادوناي" اى السيد الرب كنوع من الوقار والتكريم لاسم الرب الاله، بل بعكس افكارك فهم كانوا يفتخرون باسم الرب بل يغنون لاسمه القدوس فرحا وفخرا:
" اِحْمَدُوا الرَّبَّ. ادْعُوا بِاسْمِهِ. عَرِّفُوا بَيْنَ الأُمَمِ بِأَعْمَالِهِ. غَنُّوا لَهُ. رَنِّمُوا لَهُ. أَنْشِدُوا بِكُلِّ عَجَائِبِهِ. افْتَخِرُوا بِاسْمِهِ الْقُدُّوسِ. لِتَفْرَحْ قُلُوبُ الَّذِينَ يَلْتَمِسُونَ الرَّبَّ." مزمور 105
سابعًا: اسم يهوة في العبرية ترجموها شيوخ اليهود في الترجمة السبعينية: " ايجو ايمي " التي تعني " أنا هو " او" الكائن "، " الرب " وهذا ما أشار اليه السيد المسيح كلمة الله عندما جاء اليه اليهود المتدينين ليحاربوه فقال لهم " قبل إبراهيم أنا كائن " كلمة كائن تعني "أنا هو" وفهم اليهود ما يعنيه ذلك، فارادو أن يرجموه، ان كانت "انا هو" مجرد ضمائر، فلماذا أراد اليهود أن يرجموه ؟! (يوحنا 8) لكن أعلن الله عن ذاته تدريجيا في العهد القديم ولكن قمة الإعلان كانت في كلمة الله يسوع المسيح الذي أعلن اعلان كامل عن الخالق وهو جاء لارضنا لتحقيق خلاصه الكامل من كل الأفكار الوثنية ومن فساد طبيعتنا ليهب لنا الحياة.
ثامنًا: كذلك حذر الله عدة مرات في العهد القديم من عبادة الآلهة الوثنية ففي سفر الخروج 20: 1- 5
"ثُمَّ تَكَلَّمَ اللهُ بِجَمِيعِ هذِهِ الْكَلِمَاتِ قَائِلاً: 2«أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. 3لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي. 4لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. 5لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ،"
وكان التحذير لانتشار العبادات الوثنية في مصر، وقد حذرهم منها، لكن التحذير ليس لأنهم فعلوا بل مستقبلاً كي لا يفعلوا
حذرهم الرب من فعل أي شيء مع الآلهة الوثنية مثل تقديم الزرع لمولك الإله الوثني
لاويين 18: 21
"وَلاَ تُعْطِ مِنْ زَرْعِكَ لِلإِجَازَةِ لِمُولَكَ لِئَلاَّ تُدَنِّسَ اسْمَ إِلهِكَ. أَنَا الرَّبُّ."
او تقديم الأطفال ذبيحة للآلهة الوثنية مثل الشعوب المحيطة بها
تثنية 18: 9- 14
"مَتَى دَخَلْتَ الأَرْضَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، لاَ تَتَعَلَّمْ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ رِجْسِ أُولئِكَ الأُمَمِ. 10لاَ يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فِي النَّارِ، وَلاَ مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً، وَلاَ عَائِفٌ وَلاَ مُتَفَائِلٌ وَلاَ سَاحِرٌ، 11وَلاَ مَنْ يَرْقِي رُقْيَةً، وَلاَ مَنْ يَسْأَلُ جَانًّا أَوْ تَابِعَةً، وَلاَ مَنْ يَسْتَشِيرُ الْمَوْتَى. 12لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الرَّبِّ. وَبِسَبَبِ هذِهِ الأَرْجَاسِ، الرَّبُّ إِلهُكَ طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ. 13تَكُونُ كَامِلاً لَدَى الرَّبِّ إِلهِكَ. 14إِنَّ هؤُلاَءِ الأُمَمَ الَّذِينَ تَخْلُفُهُمْ يَسْمَعُونَ لِلْعَائِفِينَ وَالْعَرَّافِينَ. وَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ يَسْمَحْ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هكَذَا."
فكيف يحذرهم من فعل شيء في المستقبل لم يفعلوه، ولا يوجد دليل على فعله،
وفي أول آية من التوراة، في سفر التكوين 1: 1 يقول "في البدء خلق الله السماوات والأرض" لتكن رسالة لليهود أن الخالق الوحيد هو الله وهو ما ينفي أن يكون هناك إله آخر وينفي كذلك عبادة أي إله آخر موجود عند الشعوب الأخرى
ثامنًا: بينما يقول محمد عزة دروزة في كتابه "تاريخ بني إسرائيل من أسفارهم" في صفحة 5- 6
أن أسفار اليهود امتلأت بالتهويلات والمبالغات إلا أن المعجزات كانت ربانية والرب كان يدافع عنهم.
وهو ما يعني أنهم لم يعبدوا أي إله وثني، بل عبدوا الرب يهوه
بالبحث في تاريخ اليهود بعد أن استقروا في الأرض، كثيرًا ما سقطوا في الخطية وعبدوا الأصنام، فعبدوا البعل ولم يعبدوا آلهة المصريين القديمة
ولما تزمروا على موسى وارادوا العودة لمصر، لم يكن بسبب الالهة المصرية لكن لتعرضهم للعطش والجوع
تاسعًا: يقول الدكتور عماد على عبد السميع حسين، عميد كلية أصول الدين، جامعة الزقازيق السابق، في حديثه عن اسم الإله "يهوه" في كتابه "الإسلام واليهودية- دراسة مقارنة من خلال سفر اللاويين" صفحة 98
"المقطوع به أن بني إسرائيل قد عرفوا الإله بهذا الاسم، وغالوا في تقديسه والتقرب إليه"
سعيد صموئيل
أكتوبر 2018