جحش إبن أتان
متى ذكر أن المسيح جلس على أتان وجحش في يوم أحد الشعانين
(متى21: 6-7)" فَذَهَبَ التِّلْمِيذَانِ وَفَعَلاَ كَمَا أَمَرَهُمَا يَسُوعُ، 7 وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا."
مرقس ولوقا ويوحنا يذكروا أن المسيح جلس على جحش
(مرقس11: 7) فَأَتَيَا بِالْجَحْشِ إِلَى يَسُوعَ، وَأَلْقَيَا عَلَيْهِ ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِ.
(لوقا19: 35) وَأَتَيَا بِهِ إِلَى يَسُوعَ، وَطَرَحَا ثِيَابَهُمَا عَلَى الْجَحْشِ، وَأَرْكَبَا يَسُوعَ.
(يوحنا12: 14) وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ
فلماذا التناقض فى متى؟
الرد:
جوهريا وحقيقيا ليس هناك اختلاف بين رواية الانجيل للقديس متى من جهة، وبين روايات الانجيل للقديسين مرقس ولوقا ويوحنا من جهة أخرى. إنما الاختلاف ظاهري، لإن الإنجيل للقديس متى يروي القصة كاملة ويذكر تفصيلا أن الرب يسوع ركب الاتان كما ركب الجحش أيضا، وفي هذا تحقيق لما أنبأ به النبي زكريا في القديم:
(متى21: 5) (زكريا9: 9) «قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ».
أما الإنجيليون الآخرون فقد ذكروا أن المسيح له المجد قد ركب الجحش ودخل إلى أورشليم.
إن الوحي الإلهي لا يتناقض ولا يتعارض مع ذات. فما دام الإنجل للقديس متى قد ذكر صراحة أن تلميذي الرب قد "أتيا بالأتان والجحش ووضعا عليهما ثيابهما وأركباه عليهما "
فلابد أن الإنجيل صادق، وأن الأتان والجحش كانا معا، ولم يكن الجحش وحده، وأن الرب يسوع قد ركب على كل من الاتان والجحش، غير أنه ليس من المعقول أن يكون السيد المسيح قد ركب عليهما معا في وقت واحدد إنما المعقول والمقبول أن يكون السيد المسيح قد ركب عليهما في فترتين متتاليتين، أي أنه ركب على أحدهما وقتا ما، ثم تركه وركب بعد ذلك على الآخر.
وحيث أن رواية الإنجيليين الثلاثة مرقس ولوقا ويوحنا تُجمع أن الرب يسوع دخل إلى أورشليم وهو راكب جحش، ولا بد أن يكون الوحي الإلهي صادقا.
فالمعقول والمقبول أن يكون المسيح الرب قد ركب على الأتان أولا، ثم تركها، وركب بعد ذلك على الجحش، ودخل أورشليم راكبا على الجحش، وبهذا الوضع يكون مخلصنا ركب على الاتان والجحش معا، ولكن في فترتين متعاقبتين.
وأما لماذا صنع المسيح ذلك، فلابد أن له في الامر حكمة.
إذا عرفنا أن فادينا كان دائما يسير على رجليه ويقطع المسافات الطويلة مشيا على قدميه، وأن المرة الوحيدة التي ذكر الغنجيل عنه أنه ركب فيها دابة، كانت هذه المرة الوحيدة التي دخل فيها أورشليم. لقد سافر ماشيا مسافة سبعة عشر ميلا، من أريحا إلى بيت عينيا وبيت فاجي (متى20: 29-21: 1)،(مرقس10: 46-11: 1)
كما سافر ماشيا نحو أربعين ميلا، من أورشليم إلى بئر يعقوب في سوخار من مدن السامرة (يوحنا4: 3-6)
فلماذا يركب دابه وهو ينتقل من جبل الزيتون إلى اورشليم، وهي مسافة تقل عن ميلين اثنين، علما بأنه طالما قطعها قبل ذلك وبعد ذلك مرارا وتكرارا مشياً على الأقدام؟
إذن كان لركوبه دابة هذه المرة قصد. ولقد كشف النبي زكريا في نبوءته سر هذا الامر بقوله:
(زكريا9: 9) «اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ».
فالمسيح هذه المرة يدخل اورشليم ملكا، متمما نبوءة الوحي المقدس مبينا أنه هو بالذات المقصود بنبوءة النبي زكريا، هو ملك أورشليم الذي تحدثت عن ملكه وسيادته نبوءات أخرى (مزمور109: 1) (أشعياء9: 6-7)
(أرميا23: 5) (دانيال2: 44) (دانيال 7: 13، 14، 18، 27).
وقد قال عنه الملاك جبرائيل عندما بشر العذراء مريم بميلاده منها:
(لوقا1: 33) (متى28: 18) «وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».
ولقد عرف المجوس في بلادهم هذه الحقيقة، فجاءوا عند ميلاده من بلاد المشرق، والنجم يتقدمهم وهم يسألون:
(متى2: 2)" قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ»
ولذلك فإن الوالي الروماني بيلاطس البنطي عندما سأل الرب يسوع أثناء المحاكمة قائلا:
فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ الْوَالِي قِائِلاً: «أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ». (متى27: 11) (مرقس15: 9، 12، 18)، (لوقا23: 2-3)، (يوحنا18: 33، 36، 37، 39)، (19: 12، 14، 19، 21)
ولقد كان من عادة الملوك أن يركبوا الجياد أو الخيل، ولكن رب المجد يسوع المسيح لم يشأ لتواضعه أن يركب جوادا، بل ركب أتانا وجحشا ابن أتان. عن هذا قال النبي: " اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك. هو عادل ومنصور وديع، وراكب على اتان وعلى جحش ابن اتان"
ثم لكي يطمئن الناس بعامة، والملوك بخاصة إلى أنه ملك روحاني لا جسداني، وأن مملكته ليست من هذا العالم (يوحنا18: 36) (6: 15)، (متى26: 53) (لوقا17: 21).