هل جاء المسيح لينقض العهد القديم أم لا؟
وكيف أكمل المسيح العهد القديم ولم ينقضه؟
يسوع لا ينقض بل يكمل ويغيّر
عندما قال الرب يسوع: "ما جئت لأنقض بل لأكمل" (مت ٥: ١٧)، قصد أنه جاء ليعمِّق وصايا الناموس الأخلاقية في العهد القديم لا ليلغيها. قالت الوصية: لا تقتل، وقال هو: لا تغضب. قالت: لا تزن، قال: لا تشته. حكمت الوصية على الفعل، حكم يسوع على الدافع. هذا من ناحية، ولكن الأمر الأهم أن يسوع أكمل في شخصه كل الأسس التي قام عليها العهد القديم كنظام وأنهاه وغيّره. فمثلا: كان موسى وسيط عهد الناموس، فحل محله يسوع كوسيط العهد الجديد؛ كانت وصايا الناموس تُجسِّد مطالب الله الأخلاقية، فصار يسوع مُجسّد الأخلاق في حياته لا بوصايا جامدة منقوشة على ألواح حجرية (٢كو ٣: ٣)؛ بُني العهد القديم على نظام كهنوت هاروني يزول، صار يسوع رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق الى الأبد (عب ٧: ١١). ويقول الكتاب: إذا تغير الكهنوت يتغير الناموس أيضا (عب ٧: ١٢)؛ بُني العهد القديم على نظام ذبائح حيوانية، فصار يسوع الذبيحة التي قدمها الله لفداء البشرية بالموت مرة واحدة، فأكمل القديسين الى الأبد (عب ٩: ١٢؛ ١٠: ١٤)؛ بُني العهد القديم على خيمة الاجتماع-الهيكل حيث يجتمع الله بالبشر، فحل يسوع محل الهيكل إذ صار هو الهيكل بتجسده، فالكلمة صار بشرا ونصب خيمته بيننا (يو ١: ١٤)؛ ففيه يجتمع اللاهوت بالناسوت، الإله بالإنسان؛ وكان العهد القديم دينا ودولة، فصار يسوع ديننا ودولتنا، فنحن دائما حسب بولس نعيش "في المسيح". نعم، لقد أنهى يسوع كل الأسس التي قام عليها العهد القديم بإكمالها في ذاته، وهكذا أصبح هو الكل في الكل.
بقلم الدكتور العلامة
الدكتور غسان خلف