هل التوراة كتبت بالهيروغليفية ؟؟ بقلم سعيد رياض المقال الثانى
(ردأ علي المقال الثاني للدكتور وسيم السيسي)
زعم بعض اليهود أن أجدادهم قد بنوا الأهرامات !!
وزعم أحد المصريين أن التوراة كتبت بالهيروغليفي !!
خرجت علينا بعض التصريحات المتطرفة من بعض اليهود أن أجدادهم قد بنوا أهرامات أجدادنا المصريين عند وجودهم بمصر ،وحاولوا ان يفترضوا بعض الأمور بطرق متطرفة !!
ولكن الرد ببساطة من العهد القديم : أن التوراة وهي تشير لفترة وجودهم من أيام يوسف الصديق إلي موسى النبي لا تشير فقط إلا أنهم شاركوا في بعض الأماكن مثل فيثوم ورعمسيس باستخدام الطين ..فأين ذلك من أحجار الاهرامات العظيمة ؟ ولكن الدليل الأخر وهو من سفر أيوب الذي نوهت عنه في المقال الأول أنه أقدم الأسفار بالعهد القديم لسببين:
1) يقول معظم الشراح أن محتوى سفر أيوب الشعري يرجع لعصر الاباء فهو يذكرنا بعصر إبراهيم خليل الله ، فلا نجد ما يشير للشرائع من توراة موسي النبى .
2) اللغة العبرية المستخدمة فيه قديمة جدا وهذا واضح في مفردات اللغة العبرية التي استخدمت الكثير من الكلمات لمرة واحدة في كل العهد القديم .
وهذا السفر الذي كتب قبل ان يذهب بني إسرائيل لمصر يقول لنا صراحة :إن أيوب من شدة الألم كان يتمنى الموت ليرتاح ويشير للتالي (مَعَ مُلُوكٍ وَمُشِيرِي الأَرْضِ، الَّذِينَ بَنَوْا أَهْرَامًا لأَنْفُسِهِم ) أيوب 3: 14
أيوب النبي يكتب حوالي سنة 2000 ق .م وهنا يأتي السؤال : فمن هم الملوك الذين بنوا الاهرام في ذلك الزمن القديم ؟ مؤكد هم أجدادنا المصريين ، ولكي لا يكون ذلك مجرد تخمين ...فالكلمة العبرية هي חָרְבָּה (حارباه) يشرحها القاموس المتخصص Halod أن الكلمة لها أكثر من معني ولكن في سفر أيوب تعني : pyramids الاهرامات
لذلك يسقط زعم بعض اليهود الذي هو ضد المنطق والتاريخ والعهد القديم نفسه .
وزعم أحد المصريين أن التوراة كتبت باللغة بالهيروغليفية !!
ورغم اعتزازنا بمحبة د وسيم بالمصريات ولكن ذلك لا يعطيه الحق في المغالطات وتكون مصادره ضعيفة وبالتالي تخرج الحقائق مشوهة وغير حقيقية !! ومن تلك المزاعم :
- أن التوراة كتبت بالهيروغليفي
ويعتمد فيها علي مصدر وحيد ، لزعم وحيد لكتاب اسمه : التوراة الهيروغليفية للدكتور فؤاد حسين علي
وبالرجوع للكتاب نفسه في اول صفحة كتب د فؤاد ( ان الدرب الذي سلكته وانتهى بي الي القول بأن توراة موسي هيروغليفية الأصل وليست عبرية لم يسبقني اليه أحد من قبل وتعتمد عدتي ...لغوية ...ولاهوتية .)
أي أنه قد تفوق علي كل العلماء اليهود والمسيحيين والمسلمين والعلمانيين الذين لم يصلوا لتلك النتيجة التي يدعي أنها علمية !! وقد كتبت مقالي السابق في 7 نقاط لأرد علي ذلك الافتراض الذي يخلو من أي دليل ...فهو مجرد افتراضات !
وسألت: هل توجد مخطوطة واحدة او ترجمة واحدة باللغة الهيروغليفية ؟؟!!! وبرهنت من جوانب مختلفة علي أصالة اللغة العبرية للعهد القديم .
وكان د وسيم قد علق في صفحته انه سيكتب مقال اخر ليبرهن أن العبرية لم تظهر الا بعد موسي النبي ولكننا فوجئنا بمقال به مغالطات جديدة وتحمل هجوما ليس بجديد علي التوراة !! ومن المغالطات :
1) ان التوحيد أول من بدأه هم أجدادنا المصريين !! ولكن ذلك علميا ودينيا أيضا من التوراة والانجيل والقران غير صحيح .
- من بداية التاريخ المصري ستجد علي المعابد العديد من الالهة مرورا بمصر القديمة ثم الوسطي ثم الحديثة حتي نصل الي أخناتون (امنحتب الرابع) لكن علينا أن نشير لأبيه أمنحتب الثالث الذي كان قويا
ويسجل لنا التاريخ كيف وصلت مصر لمستوي مذهل من الحضارة في فن الحفر الجميل وكانت طيبة مدينة الفن والرقي والجمال ..لدرجة أن بعض الاثريين عندما أرادوا أن يشيدوا بالفنون الجميلة أبام لويس الخامس عشر شبهوها بأثارنا في تلك الفترة...وبعد موته نصل لامنحتب الرابع (اخناتون ) وكانت مصر في ذلك الوقت في احتياج شديد لملك قوي ولكنه أنشغل جدا بأمور الدين وصار المعبود هو اتون ممثلة بالشمس وطبعا حارب وحطم ما يتعلق بأمون ولاشي الكثير من المعبودات الأخرى لدرجة انه محا اسم والده أمنحتب من معابد طيبة لاشتمالها علي اسم امون
وهنا نسأل : كم عدد السنوات التي ملكها أخناتون ؟ ربما 17 سنة هي الفترة التي نشر فيها فكرة التوحيد لعبادة الاله اتون = الشمس ؟
وهل استمرت نلك العبادة ؟ فسريعا ما رجعت مصر للاله امون لدرجة أن فرعون مصر صار يحمل اسم الاله امون وليس اتون فصار توت عنخ امون .
وبالتالي لكي نضع الأمور في نصابهاا : شيء عظيم أن نصل للمفكر والفيلسوف اخناتون ولكن من التطرف أن نقول : اننا قد سبقنا العالم في التوحيد !!!
فأول من عبد الله الواحد هو ابونا ادم ثم كثيرين من الاباء إبراهيم واسحق ويعقوب وبني إسرائيل الذين واضح انهم كانوا في عهد الهكسوس بمصر وهنا نشير الي اللوحة التي في منطقة بني حسن التي رسم فيها زوار ساميين علي قبر الحاكم خنوم حتب الثاني ويشير الكثيرين الي الملابس التي هي اقرب في الملامح لبني إسرائيل وذلك في عهد سنوسرت الثاني .
2) لماذا عبر اليهود الذين يقدسوا العبرية رفضهم للترجمة الجديدة ؟!
لنرجع للتاريخ : يذكر لنا الدكتور مصطفي العبادي في كتابه عن مكتبة الإسكندرية ويعرفنا ان الإسكندرية كان بها خمسة احياء ويعيش بها اليهود ،وتكتب العديد من المصادر ومنها وثيقة قديمة تدعي رسالة (اريستياس) أنه بناء علي طلب الملك بطليموس الثاني 285 – 247 ق.م الذي كان محبا للثقافة أن يضيف لمكتبة الإسكندرية ترجمة كتب اليهود الي اليونانية ، فارسل رسالة لرئيس الكهنة باورشليم، فارسل له رئيس الكهنة 6 شيوخ من كل سبط فوصل 72 شيخا للإسكندرية، ورحب بهم الملك وحفزهم من خلال أمين المكتبة ديمتريوس وزودهم بكل ما يحتاجونه لتتم تلك الترجمة العظيمة .
وقد رفض اليهود المتشددون للغة العبرية الترجمة اليونانية الجديدة (لأنهم كانوا لأنهم كانوا يقدسون اللغة وليس الرسالة ولكي تدرك ذلك بدون اضافاتك التي ليس لها هدف الا الهجوم !!
ولكي تدرك لماذا ذلك كان رد فعلهم ،تخيل لو تم ترجمة القران الكريم لليونانيين ...فهل نظرتك لتلك الترجمة ستكون مثل نص القران باللغة العربية الفصيحة ؟!! هكذا كان الشعور لكثيرين من يهود فلسطين !!
3) مغالطة اخري لا أعلم ما علاقتها بالموضوع الرئيسي ، فقد كتبت (انتهت الكنيسة القبطية لأول مرة من ترجمة الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، نقلاً عن اليونانية القديمة بعد أن تبين أن الترجمات الحالية ضعيفة، وأسلوبها العربى ركيك، كما سقطت منها بعض الجمل أو حُذفت أو حورت مع التصرف فى الأصل اليونانى نفسه، وقد قام بالترجمة القمص قزمان البراموسى تحت إشراف قداسة البابا كيرلس السادس هذه الترجمة لم تظهر حتى الآن لأسباب ليس من حقى الإفصاح عنها.)
- أولا هي ترجمة للعهد جديد وبعض الاسفار القانونية الثانية وليس لكل الكتاب المقدس بعهديه،
- ثانيا هي محاولة فردية من القمص قزمان بمعنى أن عمل الترجمة هو عمل ضخم وعظيم ولابد أن تراجعه وتوافق عليه الكنيسة ولكي يكون ذلك واضحا : تخيل لو قام احد الأشخاص او حتي شيخا بترجمة القران الكريم للغة اخري بدون موافقة الازهر او أي جهة مختصة فهل هذا سيمون مقبول؟!
- اما الترجمة المتداولة التي بين أيدينا ويطلق عليها ترجمة فان ديك او البيروتية، فحضرتك تقف عند فكرة أن من قام بها بروتستانت !! فهل تتوقع أن الكنيسة القبطية لم تراجعها ؟!!
فأكبر دليل علي تقديرنا لكلمة الله أنه ليس بسهولة أن يتم قبول ترجمة جديدة الا بعد المراجعات، فتلك الترجمة التي تمت في لبنان وقام بها مستشرقين وعرب ولكنها قبلت من الكنائس المختلفة، بل في العام الماضي تمت احتفالات شاركت فيها كل الكنائس المسيحية في مصر وخارجها احتفالا بمرور 150 سنة علي تلك الترجمة.
4) اما عن التشكيك في مراحل الجمع للتوراة والانجيل ..وهو بالضبط مثل شخص غير دارس من غير المسلمين و لا يدرك مراحل الجمع للقران الكريم او كيف جمعت الاحاديث من مئات الألوف الي الاف قليلة لتجنب الاسرائيليات وغيرها وهنا غالبا سيدخل في مناطق صعبة !!
- لتعرف عن ذلك الموضوع وكيفية الحفاظ وجمع الكتب المقدسة في التوراة والإنجيل أنصحك بقراءة كتاب للعلامة ابونا متي المسكين : فكرة عامة عن الكتاب المقدس : الفصل الثاني ولكن ببساطة العهد القديم من البداية الى النهاية استأمن فيه الله أنبيائه ليحفظوا كلمته بداية من موسى ثم يشوع ثم الأنبياء وحتي بعد الرجوع من السبي نجد عزرا ونحميا ...الي أن نصل ليسوع المسيح الذي برغم نقده الشديد لتطرف اليهود وتشددهم لم نجده في الانجيل يقول إنهم قد حرفوا كلمات العهد القديم!!
- سواء اليهود في جمعهم او الكنيسة في جمعها للأسفار المقدسة كانت متأنية جدا ، فتوجد أسفار كانت مقبولة من البداية ولكن توجد أسفار اخري ناقشوها كثيرا ولم يقبلوها الا بعد دراسة وتدقيق وصلاة في مجامع مسكونية متعددة.
أخيرا أضيف ان للخالق لغة واحدة وهي ام اللغات وهي التي تصل لكل انسان في الأرض سواء كان صغيرا أم كبيرا وهي لغة المحبة (الله محبة) فان كان الله استخدم في التوراة والانجيل ثلاث لغات وهم العبرية والآرامية واليونانية ولكنهم مجرد وسائل تواصل ولكن الهدف هو رسالة المحبة من الاله المحب لخليقته: الانسان .
(ولكننا لا نخفي أعجابنا وتقديرنا لمحبة وشغف الدكتور وسيم السيسي للتراث المصري القديم ولكننا هنا بصدد توضيح بعض النقاط للقارئ التي جانبه فيها الصواب )