كيف يموت المسيح علي الرغم من لاهوته ؟ هل الله يموت ؟ و هل موت المسيح كان ضعفاً ؟ و من كان يدير الكون أثناء موته ؟
بقلم البابا شنودة الثالث
الرد
إن الله لا يموت . اللاهوت لا يموت .
و لكن السيد المسيح ليس لاهوتاً فقط ، إنما هو متحد بالناسوت . لقد أخذ ناسوتاً من نفس طبيعتنا البشرية ، دعي بسببه " إبن الإنسان " . و ناسوته مكون من الجسد البشري متحداً بروح بشرية ، بطبيعة مثل طبيعتنا قابلة للموت . و لكنها متحدة بالطبيعة الإلهية بغير إنفصال ...
و عندما مات علي الصليب ، إنما مات بالجسد ، بالناسوت .
و موت المسيح لم يكن ضعفاً . و لم يكن ضد لاهوته .
لم يكن ضد لاهوته ، لأن اللاهوت حي بطبيعته لا يموت ، كما أنه شاء لناسوته أن يموت كمحرقة سرور ، و ايضاً لفداء العالم .
و لم يكن موته ضعفاً ، للأسباب الآتية :
1- لم يكن موته ضعفاً ، و إنما حباً و بذلاً . و كما يقول الكتاب " ليس حب أعظم من هذا ، أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه " ( يو 15 : 13 ) .
2- السيد المسيح تقدم إلي الموت باختياره ، فهو الذي بذل ذاته لكي يفدي البشرية من حكم الموت . و ما أعظم قوله في الدلالة علي ذلك " أنا أضع ذاتي لآخذها ايضاً . ليس أحد يأخذها مني ، بل أضعها أنا من ذاتي . لي سلطان أن اضعها ، و لي سلطان أن آخذها ايضاً" ( يو 10 : 17 ، 18 ).
إن ضعف الإنسان العادي في موته ، يتركز في أمرين :
أ- أنه يموت علي الرغم منه ، و ليس له سلطان أن يهرب من الموت . أما المسيح فقد بذل ذاته ، دون أن يأخذها أحد منه .
ب- الإنسان العادي إذا مات ، ليس في إمكانه أن يقوم إلا إذا أقامه الله . أما المسيح فقام من ذاته . و قال عن روحه " ولي سلطان أن آخذها أيضاً " . و هذا كلام يقال من مركز القوة و ليس من مركز الضعف .
و من دلائل قوة المسيح في موته :
3-أنه في صلبه و موته " إذا حجاب الهيكل قد انشق إلي إثنين من فوق إلي أسفل . و الأرض تزلزلت ، والصخور تشقق ، و القبور تفتحت ، و قام كثير من أجساد القديسين " حتى أن قائد المائة الذي كان يحرسه خاف – بسبب هذه المعجزة – هو و جنوده و قالوا : حقاً كان هذا ابن الله ( مت 27 : 51 – 52 ) .
4-دليل آخر ، أنه في موته كان يعمل ، إذ فتح الفردوس و أدخل فيه آدم و باقي الأبرار و اللص .
5-من دلائل قوته في موته ، أنه بالموت داس الموت ( 2 تي 1 : 10 ) ( عب 2 : 14 ) . و اصبح الموت حالياً مجرد قنطرة ذهبية يصل بها الناس إلي الحياة الأفضل . فيقول بولس الرسول " أين شوكتك يا موت " ( 1 كو 15 : 55 ) .
من كان يدير الكون إذن أثناء موته ؟
لاهوته كان يدير الكون . اللاهوت الذي لا يموت ، الذي لم يتأثر إطلاقاً بموت الجسد ... اللاهوت الموجود في كل مكان ، الذي هو أيضاً في السماء ( يو 3 : 13 ) .