الاعتراض الأول
المسيح لم يكن يعرف بدليل أنه كان يسأل كثيراً عن الأشياء فسأل فى مرقس 6: 38 "فَقَالَ لَهُمْ: «كَمْ رَغِيفًا عِنْدَكُمُ؟ اذْهَبُوا وَانْظُرُوا». "وسأل فى مرقس5: 30 "وَقَالَ:«مَنْ لَمَسَ ثِيَابِي؟" وسأل فى مرقس 9: 21 "فَسَأَلَ أَبَاهُ:«كَمْ مِنَ الزَّمَانِ مُنْذُ أَصَابَهُ هذَا؟" وقال عن لعازر فى يوحنا 11: 34 " وَقَالَ:«أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ؟».
الرد
1– عندما سأل المسيح "كم رغيفا ً عندكم" كان يسأل ليتضح أن الموجود قليل جدا ً ولا يكفى وحين يفعل المعجزة يعرف الناس قدر ما فعل المسيح ويكون أمام الناس صورة واضحة عما فعله المسيح من معجزة باهرة.
2- وحين قال "من لمسني" لتخرج المرأة وتحكى علناً ما حدث لها أمام الناس وكيف أن لمس ملابس المسيح شفاها فالقوة التي تخرج من المسيح تشفى الناس، فمن هو هذا الشخص إذاً الذي بلمسته يتم الشفاء من مرض عضال؟ من فضلك فكر جيداً؟
3- وحين سأل "كم من الزمان منذ أصابه" للتأكيد على أن هذا الشخص مريض حقا ً ومنذ زمن وطبعا ًخلال الزمن الطويل لم يجد شفاء ولا علاج وحين يقوم المسيح بشفاء الولد يتضح أمام الناس ويقدّرون المعجزة حق قدرها.
4- وحين سأل "أين وضعتموه" المقصود منه أن يذهب الناس إلى القبر ويكونوا على يقين تام أن لعازر مات وهو فعلا ً فى القبرتحضيرا ً لمعجزة عظيمة ويروا بأنفسهم المعجزة فى إقامة ميت منذ أربعة أيام وقد انتن فعلا ً.
الاعتراض الثاني
إذا كان المسيح عالما ً بالغيب فلماذا لم يعرف أن شجرة التين لا يوجد بها ثمر فى متى 21: 18–20 وفى مرقس11: 13 يقول "13فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ."
متى 21: 18 -22 "وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ، 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ، وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا:«لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ. 20فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذلِكَ تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ:«كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟» 21فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:«اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلاَ تَشُكُّونَ، فَلاَ تَفْعَلُونَ أَمْرَ التِّينَةِ فَقَطْ، بَلْ إِنْ قُلْتُمْ أَيْضًا لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ فَيَكُونُ. 22وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاَةِ مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ».
الرد
1– المسيح طبعا ًيعلم جيداً أن الشجرة لا يوجد بها ثمر أصلا ً لأنه ليس وقت الإثمار كما يقول مرقس "لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ" ولكن لماذا إذا ً قال لا يأكل أحد منك ثمرا ً إلى الأبد ؟ ولماذا ذهب إليها إذا كان لا يوجد بها ثمر؟
2- شجر التين فى فلسطين يثمر أولا ً ثم يعطى الورق أو يورق ويثمر فى نفس الوقت فهذا يعنى إذا وجدت ورق فى شجر التين معناه وجود ثمر، والشجرة كان بها ورق وهذا يعنى وجود ثمر بها ، وهذا شئ غريب استخدمه المسيح .
3- لو قرأنا الجزء السابق لهذا الحدث لوجدنا شئ هام للغاية قد حدث فى إنجيل متى 21: 12–17 "وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ 13وَقَالَ لَهُمْ:«مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!» 14وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ فِي الْهَيْكَلِ فَشَفَاهُمْ. 15فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ الْعَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَ، وَالأَوْلاَدَ يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ:«أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ!»، غَضِبُوا 16وَقَالُوا لَهُ:«أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُ هؤُلاَءِ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«نَعَمْ! أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا؟». 17ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَخَرَجَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَبَاتَ هُنَاكَ."
حيث استغل اليهود بيت الله ليتاجروا ويتكسبوا المال برغم أن اليهود حافظوا بشده على الطقوس وتنفيذها تماما ً لكن نفذوها مظهريا ً فقط لذلك قال عنهم مرة فى:
متى 23: 1–7 "حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ 2قَائِلاً:«عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، 3فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ. 4فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ، وَهُمْ لاَ يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبِعِهِمْ، 5وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ النَّاسُ: فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ، 6وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، 7وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي! "
وفى نفس الإصحاح قال "وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا."
وهذا هو حال الشجرة التي يوجد بها الورق وهذا يعنى وجود الثمر وهى مثل اليهود تماما ً يوجد ورق ولا يوجد ثمر.
4- فاخذ تلاميذه ليعلمهم درس هام عن إسرائيل الأمة التي تظهر الإيمان كشكل ولا يوجد فيها ثمر وهذا هو حال الإنسان المرائي الذي كثيرا ً ما يكون فيه أمور تظهر للناس وكأنها جيده لكن لا يوجد فيه ثمر. يوجد فيه أمور مظهرية توحي أنه يعرف الله المعرفة الحقيقة لكن للأسف من الداخل هو بعيد عن الله ويصطنع المظاهر.
5- فعل المسيح هذا ليوضح لتلاميذه العقاب الذي يحل بالمرائين والمنافقين أصحاب الشكل الخارجي فقط .
6- أن يأمر المسيح الشجرة ألا يكون فيها ثمر ويحدث هذا فورا ً يؤكد قدرته الإلهية الكاملة ، فمن هو الآمر الناهي يأمر شجرة ألا تثمر ويحدث فى الحال إلا خالق الشجرة؟!.
الاعتراض الثالث
لم يكن المسيح يعرف الساعة حين سأله التلاميذ
فى متى 24:36 "وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ. "
فى مرقس13: 32 "وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ "
الرد
1- طبعا المسيح بلاهوته يعرف يوم الساعة بدليل قوله لهم علامات المجئ التي لا يعرفها إلا هو وإلا كيف يقولها؟
2- المسيح وهو الله هو الديان بحسب متى 25، فكيف لا يعرف بيوم الدينونة ؟
3- وفى إنجيل متى25: 13 "فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ." فكيف لا يعرف اليوم الذي سيأتي فيه هو ديانا ً للعالمين.
4- مكتوب عن المسيح الآيات التالية:
كولوسى2: 3 "الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ."
يقول القديس غريغوريوس النيسى: "المسيح هو الذي يعلن المخفي والمستور.
وفى يوحنا 4: 29 «هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَانًا قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟».
وهذه الآيات وغيرها مما سبق ذكرها تؤكد على أن المسيح يعرف الغيب والمستقبل تماماً.
5- فى معجزة إبكام البحر فى مرقس 4 كان المسيح نائما ً وهو أمر إنساني تام ولكنه عندما أبكم البحر ظهر الوجه الإلهي وسيطر على الطبيعة ولا يسيطر عليها إلا خالقها ففي بعض الأحيان يظهر الجانب البشرى وأحيانا الإلهي.
6- عدم المعرفة يفهم منه عدم الإعلان فعدم معرفته باليوم أو الساعة لا يعنى جهله إنما عدم إعلانه ، ، تخيل أستاذا ً لعلم الكيمياء يشرح تجربة للطلبة بتحضير بعض المركبات ليرى الطلبة ما قد ينتج ، فهل لا يعرف النتيجة إذ لم يعلنها لهم ويتمم تجربته إلى النهاية ليظهر الناتج النهائى لما يفعل ؟ هو يعرف لكن لا يقول عن النتيجة قبل إتمام التجربة وإلا فلا قيمة لهذه التجربة اصلا ً
7- فى تثنية 13: 3 «أَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ يَمْتَحِنُكُمْ لِكَيْ يَعْلَمَ هَلْ تُحِبُّونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِكُمْ.« وهدف الإمتحان ليس أن يعرف لأن الرب يعلم المستقبل بل إعلانهم عن محبة للرب عند طاعتهم له ونجاحهم فى الإمتحان، وبنفس الطريقة فالمسيح له هدف أن يقول أنه لا يعلم أي لا يعلن موعد يستحيل إعلانه للبشر لذلك كان رده قاطعاُ فكيف يعلن لهم وبالتالي لكل البشر أن يوم الدينونة هو يوم كذا فى شهر كذا وعام كذا.
8- قال المسيح للبعض فى متى 7: 21 – 23 "لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!"
برغم أنه يعرف هؤلاء الناس لكنه يقول لم أعرفكم قاصدا ً عدم معرفته بهم أنهم ليسوا من أتباعه الذين ينفذون وصاياه فالقول عدم المعرفة هنا له معنى آخر يفهم من سياق النص وعدم المعرفة فى الآية محل الإعتراض لا تعنى جهله بل صعوبة شرح شئ لمن لا يفهموه فهو يوم خارج نطاق فكرهم وقدرتهم على إستيعابه.
9- الكتمان ليس كذبا ً فللكتمان دائما ً حكمة وقد حدث شئ مثل هذا فى العهد القديم فى صموئيل الأول صموئيل الأول 16 : 1 – 5 حين أرسل الله النبى صموئيل لمسح داود ملكا ً وخاف النبى صموئيل من شاول الملك فطلب منه الله أن يقوم بتقديم ذبيحة وإذا سأله شاول يقول له أنه جاء ليذبح ولم يقل له عن مسح داود ملكا ً لأنه لا يخص شاول فى شئ كما أنه ليس وقت إعلان داود ملكا ً ، فالكتمان هنا ليس كذبا ً وهذا ما حدث فى قول المسيح للتلاميذ عن اليوم والساعة إذ للكتمان حكمة إذ لن يدركوا هذا اليوم
10- وكما قال القمص متى المسكين" هذا اليوم فوق الزمن وغير موجود فيه. من صميم اللاموجود الزمني وليس من رسالة الابن المتجسد ولا من عمله لأن رسالته هي فى الزمن وعمله ينتهي بانتهاء الزمن.. فالسبب المباشر أنها خارجة عن دائرة رسالته وعمله وخدمته لأن غير الزمني صار زمنياً فلا يعود يهتم إلاَّ بكل ما هو زمني، تاركاً للآب كل ما هو غير زمني وهذا هو التخلِّي أو الإخلاء الإرادي..
إذن، فالصعوبة البالغة في تفسير هذه الآية وشرحها هي في كونها أنها حُسبت في حيِّز الزمن وهي من صميم عمل الخلود. وكأنك تسألني: ما هو اليوم والساعة التي خلق فيها الله العالم؟ يكون الجواب هذا كان قبل الزمن، والذي فيه بدأ الزمن عندما بدأت أول حركة في العالم. كذلك بالمثل يكون رد الجواب على ما هو اليوم والساعة التي ينتهي فيها العالم؟ يكون الجواب هذا ليس فعلاً زمنياً ولا هو مضمون يحمل الزمن، بل هو خارج الأيام كلها والساعات، لأن فيه تكف الحركة وبالتالي يخمد الزمن، ويستحيل على أي عقل زمني أن يدركه أو يفهمه، فهو الصفر المطلق بمفهوم الحركة أو الزمن أو الموت الكلي أو العدم الأبدي.. فهنا سؤال التلاميذ تداخل دون أن يدروا فيما بعد الزمن والأوقات والتاريخ. وهي واقعة في دائرة سلطان الآب. ولأن اختصاص الابن ورسالته ينتهي بانتهاء الزمن، فهي ليست من اختصاصه.
ومن هنا يتضح تماماً لدى القارئ حماقة أي إنسان كان مَنْ كان أن يتنبَّأ أو حتى يدَّعي معرفة النهاية وتحديد زمانها، لأن نهاية الزمن لا تدخل في الزمن ولا تطرأ على بال زمني ولا يدركها إنسان قط، لذلك فكل مَنْ يدَّعي معرفة نهاية العالم أو نهاية الزمن ينسب إلى نفسه حماقة النبي الكاذب مباشرة"
11- يقول الكتاب المقدس عن المسيح فى فيلبى 2: 6–8 "الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. 7لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. 8وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ". .فقد ترك المسيح مجده ونزل إلى عالمنا كإنسان كامل.
12- قال المسيح لتلاميذه فى مرقس 13: 33 "اُنْظُرُوا! اِسْهَرُوا وَصَلُّوا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَكُونُ الْوَقْتُ. "فلم يقل لأننا لا نعلم بل وجه لهم الكلام واستثنى نفسه من عدم المعرفة.
وفى إنجيل متى24: 42–44 "اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ. 43وَاعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيِّ هَزِيعٍ يَأْتِي السَّارِقُ، لَسَهِرَ وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. 44لِذلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ."
يطلب منهم السهر لأنهم لا يعلمون متى يأتي ربهم ويطلب منهم الإستعداد لأنه ابن الإنسان يأتي فى وقت لا يعرفونه وفى الإصحاح التالي إصحاح 25 من إنجيل متى يقول عن نفسه أنه ابن الإنسان الذي يدين الناس فهل لا يعرف؟
ومن الربط بين لفظ "ربكم" ولفظ "ابن الإنسان" ومتى 25 نرى أن ابن الإنسان هو الديان وهو الرب نفسه.. فهو يعرف لاهوتيا ً كل شئ ولكنه لا يعلن لهم لعدم فهمهم وإدراكهم لمثل هذا اليوم.
والسؤال إذا كان يعرف اليوم، فلماذا لم يقل لهم أنا أعرف لكنى لن أقول لكم فلن تدركوه؟
وللإجابة عن هذا السؤال أقول :
1- سيستمر التلاميذ فى إلحاحهم عليه أن يقول لهم شئ عن هذا اليوم فنفيه بهذا الشكل ينهى الأمر تماما ً فلا يسألوا ثانية، فمثلا بعد قيامته بقى معهم أربعون يوما ً يعلمهم عن ملكوت السموات ولو لم يغلق الباب أمام هذا السؤال لاستمروا يسألون والسؤال الوحيد الذي سألوه فى أعمال 1 عن رد الملك لإسرائيل لكنهم لم يسألوه عن اليوم الأخير.
2- سيكون اهتمامهم الأول والأخير هو هذا اليوم فقط ولا شئ غير ذلك وسيأخذ فكرهم ويتباحثون فيه معا ً وكثيرا ً ما تباحثوا فى أمور أُخرى أبسط من ذلك.
3- كانت إرسالية المسيح لهم أن يكرزوا به بين الأمم كلها وإياه مصلوباً لأجل غفران الذنوب ولا شئ غير ذلك، لذلك أنهى الكلام وأغلق الباب تماما ًحتى لا يكرروا السؤال ثانية وحين يخرجوا يشاركون الناس بحب المسيح .
4- كان المسيح يُعَلّم كثيرا ً أمام الناس لكن كان له جلسات خاصة بهم وحدهم يعلمهم بأكثر تفصيل من الجموع لأنهم هم من يحملون لواء التبشير به فى كل العالم ولو قال لهم أعرف ولن أقول سيكون وكأنه خبأ عنهم شئ وبدورهم ينقلون هذا للناس لكن عدم قوله شئ عن هذا اليوم جعلهم هم يقولون للناس ما علمهم إياه، فقد علمهم فى متى 25: 13 "13فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ." وهم نقلوه إلى الناس هكذا كما علمهم ليكونوا مستعدين .
بطرس الثانية 3: 10 "وَلكِنْ سَيَأْتِي كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ، يَوْمُ الرَّبِّ، الَّذِي فِيهِ تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ الأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي فِيهَا."
تسالونيكى الأولى 5: 2"لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِالتَّحْقِيقِ أَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ هكَذَا يَجِيءُ."
كان للمسيح وجه إنساني كامل كباقي البشر فى كل شئ وكثيرا ً ما ظهر الوجه الإنسانى فى حياته فقد أكل وشرب ونام ودخل الحمام وحزن وفرح وغضب فعدم المعرفة هنا هي للوجه الإنسانى الذي تميز به المسيح والذي عاش به طيلة حياته على الأرض فعدم المعرفة والأكل والفرح وغيرها هي من صفات الإنسان الطبيعي.
والمسيح بوجهه اللاهوتي يعرف كل شئ فى الماضي والحاضر والمستقبل وعشرات الآيات فى الكتاب المقدس أكدت هذا، لكنه لم يعلن لهم ذلك اليوم لأنه خارج إطار الزمن لن يفهموه ولا يدركوه
وللأسف فان من يهاجمون لاهوت المسيح ينظرون بعين واحدة فقط إلى إنسانيته وأغلقوا العين الأخرى على لاهوته الواضح من أقواله وأفعاله وحياته ولم ينظروا لهذا وحاولوا تلفيق أي شئ ليهدموا الأعمال الإلهية الباهرة له.
أرجوك أقرأ بحيادية وتجرد لتصل للحقيقة
الاعتراض الرابع
كان الأنبياء فى العهد القديم يقولون كثيرا ًعن أحداث المستقبل للناس فهم يعرفون الغيب وهم بذلك آلهة أيضاً.
الرد
ولا نبي واحد قال شئ عن المستقبل إلا من وحى وتوجيه الله للنبي نفسه ولا يستطيع أي شخص أن يعرف الغيب وأرجو من القارئ الكريم أن يذهب إلى العهد القديم ليبحث عن أي نبوة مستقبلية فيه هل هي من الله أم من ذاته.
مقتبس من كتاب