الرد على الدكتور سيد القمني في هجومه على الكتاب المقدس 4
ظهر الدكتور السيد القمني على قناة القاهرة والناس مؤخراً وقدم ادعاءات خطيرة عن التوراة وعن اليهودية والمسيحية. مع أن القمني لم يذكر المسيحية صراحة إلا أن الجميع يعلم أن أي هجوم على التوراة يعتبر هجوم على المسيحية لأن المسيحية قبلت التوراة كوحي إلهي والإنجيل يقدم المسيح كتحقيق
لكل ما جاء بها.
لمراجعة المقالات السابقة يمكنك الدخول لهذه اللينكات وقراءة المقالات السابقة
أولاً: يتبع القمني أسلوب غير علمي تجاه التوراة فمن ناحية يبني نظرياته عليها ويستشهد بآياتها مراراً و يسترشد بمعلوماتها لتحديد مثلاً خط سير بني إسرائيل أثناء خروجهم من مصر. لكنه يخلص إلى أفكار مناهضة لها تماماً! على سبيل المثال ينكر ما تقوله التوراة مراراً أن بني إسرائيل تعرضوا للاضطهاد في مصر. تقول التوراة والإنجيل أيضاً أن الله عاقب الفرعون وأجبره على إطلاق بني إسرائيل ولكن القمني ينفي ذلك. فهل التوراة يا دكتور قمني مرجعاً تاريخياً موثوق فيه أم لا؟ ما هو المنهج الذي سمح لك بقبول آيات (أو أجزاء من آيات) ورفض مئات بل آلاف الآيات الأخرى؟ ناهيك أنك تفسر الأجزاء التي تقبلها بأسلوبك الخاص متاجهلاً سياق الآيات وتفسير العلماء. كان يجب أن تصرح للمشاهد لماذا تستند إلى التوراة أحيانا وترفضها أحياناً. كيف ميزت الأجزاء الموثوق فيها والأجزاء غير الموثوق فيها؟ الأسلوب العلمي الصحيح يقدم للآخر منهجيته لكي نقيمها من ناحية ونتبعها في مزيد من البحث لو رأينا أنها سليمة. أنت لم تفعل ذلك.
ثانياً: القمني حاول إقناعنا أن وجود تشابهات بين أمور في مصر القديمة والتوراة يعني بالضرورة أن بني إسرائيل استعاروا هذه الأمور من مصر. هذا يحتاج إلى إثبات لم يقدمه القمني. في الواقع الختان معروف بين شعوب كثيرة في العالم القديم والحديث ولا يعني أن كل هذه الشعوب استعاروا العادة من مكان واحد أو أنهم يمارسونها لنفس الأسباب . التوراة تقول أن الختان بدأ وقت إبراهيم أي مئات السنين قبل نزول بني إسرائيل إلى مصر والقمني لم يثبت عكس ذلك مع أنه يذكر أن إبراهيم اختتن في سن ال ٩٠ (في الواقع كان إبراهيم ٩٩ سنة عندما اختتن بحسب تكوين ١٧: ١). لا يوجد ما يثبت أن بني إسرائيل عرفوا الختان لأول مرة في مصر.
ثالثاً: ارتكب القمني خطأً علمياً كبيراً عندما أدعى أن سبط لاوي الكهنوتي هو "اللفيف" الخارج مع بني إسرائيل من مصر. حاول الربط بين "لفيف" ككلمة عربية واسم السبط "لاوي" أو "لافي" في العبرية بينما الكلمة العبرية المترجمة "لفيف" في خروج ١٢: ٣٨ تبعد كل البعد عن "لاوي"! علينا أن لاحظ أن الترجمات الأخرى لخروج ١٢: ٣٨ لا تستخدم كلمة "لفيف" بل تترجم الكلمة العبرية "خليط كثير" (اليسوعية) أو "كثير من الأغراب" (المشتركة)الخ.
لا أستطيع أن أصدق أن عالم مثقف يرتكب خطأ مثل هذا. بالإضافة لأخطاء كثيرة ارتكبها القمني في فهم سبط لاوي وعلاقته ببني إسرائيل.
رابعاً: أظهر القمني ضعف أسلوبه البحثي عندما اضطر أن يبرهن على أفكاره مستعيناً بأناس غير خبراء في المجال. استغربت جداً أن القمني يستند على أقاويل سيجموند فرويد الملحد اليهودي الذي كان مجاله علم النفس ولا دراسات التوراة! لماذا تستعين بملحد رفض التوراة ولم يكن خبير فيها لكي تثبت أفكارك؟
خامساً: حاول القمني إدعاء أن إله إسرائيل ليس له اسماً رغم أن الله يقول في التوراة أن "يهوه" اسمه (خروج ٦: ٣)! محاولة القمني الإدعاء أن رفض اليهود نطق الإسم "يهوه"-- والذي كان سببه الوقار والاحترام لله--دليل على أنه إله شرير لا يريدون استحضاره إدعاء غير علمي وخطير للغاية! بل ويذهب القمني لما هو أبعد ويقول أن بني إسرائيل تبنوا عبادة الإله المصري الشرير "ست"!! كيف تقول هذا والتوراة مرارا بلا عدد تحذر بني إسرائيل من عبادة أوثان مصر وآلهة كل الشعوب المجاورة؟ كيف يكون "ست" الذي قتل أخاه أوزوريس يكون إله بني إسرائيل الذي تغنوا عنه وقالوا "الرب راعي فلا يعوزني شيء" (مزمور ٢٣: ١)؟ كيف يكون ست إله الظلام والفوضى هو الإله الذي يقول عنه داود "الرب نوري وخلاصي ممن أخاف" (مزمور ٢٧: ١)؟ نظرية القمني تقف ضد كل المعطيات المتوفرة لنا وضد تراث روحي عميق امتد لمدة آلاف السنين وتظهر إنه متأثر بأفكار الغنوسية التي زعمت أن إله العهد القديم إله شرير!
للأسف أرى أن كلام القمني له مظهر العلم لكنه مغرض للغاية ويميل للإلحاد والغنوسية التي تسمي النور ظلام والظلام نور.
الدكتور عماد عزمي