هل البشارات الأربع التي تحكي لنا قصة حياة المسيح محرفة وتم التلاعب فيها؟ المقال السابع عشر ..17
في مقالنا اليوم نستكمل أسباب شك السيد محمد السعدي في صحة البشارات الأربع أو الأناجيل الأربع التي سجلت قصة حياة المسيح في القرن الأول بكل تفاصيلها التي أوحى بها الله لتلاميذ ورسل المسيح
نستكمل اليوم في هذا المقال بعض أسبابه لتحريف قصة المسيح ونرد عليها ونفندها بنعمة الله
يقول سيادته الآتي
"المصادر المسيحية تتضارب وتعتمد على الظن والتخمين ومجرد الأختلاف كاف لجواز الشك بموثوقية الأناجيل ...... تواريخ كتابة الاناجيل تواريخ متأخرة عن موت المسيح "
كما ذكرت دائرة المعارف البريطانية
"انجيل مرقس كتب عام 65 – 70 وانجيل متى 70 – 80 وانجيل لوقا كتب سنة 80 م وانجيل يوحنا كتب نهاية القرن الاول "ثم يورد من كتاب تاريخ الكنيسة كتاب 3 فصل 39 فقرة 15 عن مقولة بابياس " ان مرقس كتب بدقة من غير ترتيب كل ما تذكره عما قاله المسيح او فعله " فكانت الكتابة من الذاكرة وليست بالهام وهذه الفترات المتباعدة كافية لنسيان كتبة الأناجيل الأحداث وترتيبها الزمنى
الرد
1- لم يكن تضارب فى المصادر المسيحية بشأن تحديد تواريخ تدوين البشارات الأربعة بل كانت اراء بين العلماء حول توقيت التدوين بسبب بعد الزمن فقد حدث هذا الحوار بشأن تواريخ التدوين فى القرون القليلة الماضية وهذا لم يكن حادثا ً فى القرون الأولى للمسيحية فقد كان كل مسيحى العصر الأول يعرف من الكاتب ومتى تمت الكتابة كانوا يعرفون تفاصيل كل شئ عن الأناجيل ولكن ظهر الأهتمام بتحديد التواريخ بعد ظهور مدارس النقد لملحدى اوربا الذين هاجموا الكتاب المقدس فجرت المناقشات حول التواريخ والمؤلفين وغيرها من المسائل التى لا تؤثر بشكل أو اخر حول وجود الأناجيل وأنتشارها وصحتها ومعرفة الناس بها حول العالم ، فلم تتأثر المسيحية بتحديد تاريخ تدوين الأناجيل برغم الأختلاف بين العلماء حول هذه التواريخ
2- تم تحديد التواريخ على بعض الأسس منها أقدم المخطوطات المتوفرة فبحث العلماء عن نوعية الخط والى أى وقت يعود والى نوعية المادة المستخدمة فى الكتابة وغيرها مما توفر لتحديد وقت تسجيل الأناجيل
3- الرجوع الى أقدم كتابات متوفرة عن كتبة الوحى الألهى فى كتب التاريخ الكنسى والأيات المقتبسة فى اقتباسات أباء الكنيسة
الأختلافات ظهرت نتيجة تعدد الأراء وتنوع الأبحاث والتى كلها تعد اجتهادات وليست حقائق نهائية حول هذه العوامل مجتمعة وهذا لا يؤثر اطلاقا فى صحة الأناجيل فكلها تم تدوينها فى القرن الأول وقبل نهايته
4 - كان الانجيل ينتقل شفهيا بين المؤمنين بالمسيح الى ان تم تسجيل الانجيل فلم يضع منه شئ اطلاقا فقدكان هذا الزمن هو زمن الحفظ وكانت لدى الناس قدرة كبيرة على الحفظ ولسنوات طويلة وحين ازداد عدد المؤمنين بالمسيح وانتشروا فى كل العالم ظهر الأحتياج الى تدوين الأنجيل فتم تدوينه كما هو
5- استخدم الله كل ما عاشه التلاميذ والرسل وشاهدوه بأعينهم وبشروا به العالم كله على مدى كل هذه السنوات وهو ما حُفر فى قلوبهم وعقولهم على مر الزمان وانتقل متواترا ً بين الناس الى أن سجلوه مكتوبا ً
6- وجود مذكرات للتلاميذ كانوا يسجلون فيها كل الاحداث التى رأوها مع المسيح وعندما أوحى الله لهم استخدم كل ما رأوه وعرفوه وقرأوه فى تسجيل الوحى
ويكمل المعترض قائلا ً
" واذا عرفنا أن اثنين من كتبة الأناجيل وهما مرقس ولوقا لم يشهدا الأحداث التى روياها بل أخذاها بالسماع وسجلا ما علق بالذاكرة فان شكوكنا حول موثوقية الأناجيل ستزداد بالتأكيد "
الرد
1- كان مرقس ولوقا من السبعين وهذا ما أكده التقليد المسيحى والتأريخ الأسلامى وقد ذكرناه سابقا ً
2- وبالتالى هما شاهدا كثيرا ً من الأحداث التى تمت
3- وعن الأحداث التى لم يروها فقد كانا مع التلاميذ يسمعون منهم أى يسمعون من المصدر وليس نقلا ً عن أحد مثل بطرس ويعقوب ويوحنا
4- عاشا مع المسيح ذاته وعرفا منه الكثير عن كل شئ وبالتفصيل وكان يعلمهم عن ملكوت الله فقد كانا يعيشان مع المعلم الأعظم فى الكون كله
5- بعد قيامة المسيح عاش معهم أربعون يوما ً يعلمهم عن ملكوت الله ويحفر فى قلوبهم واذهانهم كل شئ فهو ظهر للتلاميذ وللرسل ولكثيرين ممن أمنوا به وأرسلهم ليكونوا رسله الى العالم ففى
رسالة كورنثوس الأولى 15 : 5 – 8
5وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ. 6وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ، أَكْثَرُهُمْ بَاق إِلَى الآنَ. وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. 7وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ. 8وَآخِرَ الْكُلِّ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ظَهَرَ لِي أَنَا.
فقد ظهر لهم أربعين يوما ً يعلمهم وحين بدأ لوقا ليكتب وحى الله بأمر الله بدأ فى سماع التلاميذ الذين رأوا كل شئ وكانوا شهود عيان للتيقن من كل كلمة فالوحى المسيحى ليس وحى انزال بل استخدم فيه الله الشخص الذى يكتب والبيئة التى عاش فيها وثقافته وخلفياته وحياته والفاظه والكلمات المتداولة فى عصره والأفكار المعروفة فى زمنه ليصل من خلالها الى الناس بالطريقة التى يفهمونها ويعرفون بها وحى الله لهم وليس بلغة أو مفردات أو أفكار لا يفهمون منها شئ فالتدقيق شئ صحيح فعله لوقا وهذا يؤكد صحة الأنجيل
المقالات السابقة موجودة على هذه اللينكات يمكنك الرجوع لها
هذه المقالات مقتبسة من كتاب "موثوقية الأناجيل" لوثر خليل