تعرض الكتاب المقدس للهجوم دائمًا وقيل عليه أنه كتاب محرف، وهل يوجد أدلة على صحة الكتاب المقدس وعدم تحريفه؟ هل هو محرف فعلاً وتلاعبت به الأيدي؟ أم أن الكتاب المقدس كتاب صحيح ولم يتم تحريفه لأنه كلام الله؟
تعرض الكتاب المقدس ، وعلى امتداد العصور التاريخية المختلفة إلى هجمات كثيرة ، ومع ذلك فقد صمد الكتاب، وتحطمت أمامه كل الآراء والنظريات التي تهاجم سلطان ووحي وعصمة الكتاب المقدس.
فيما يلي بعض الأدلة والبراهين التي تبين أن الكتاب المقدس هو كلمة الله :-
1. الله حي. وهو الخالق الأزلي ( مزمور 1:90 ــ 2 ) ، والله يريد أن يعرفه العالم ويعرفوا مشيئته ووصاياه وإعلاناته وخطته للعالم ، وبالتالي لا بد من وجود إعلان سماوي من الله للناس لمعرفة طبيعته وإرادته وعلة وجود الناس وقصد الله النهائي من الخليقة. وإعلان الله للناس تم أولاً بالطبيعة ، ثم بالكلمة الموحى بها في الكتاب المقدس ، وأخيراً جاء الرب يسوع المسيح وأعطانا الإعلان الكامل عن الله.
2. كان الكتاب المقدس في عقل وفكر الله منذ الأزل ، أي قبل أن يوحى به للعالم ( راجع مزمور 89:119، ومزمور 152:119، وأعمال الرسل18:15، وعبرانيين2:8 ( المسيح خادم المسكن الحقيقي في السماء منذ الأزل) مع عبرانيين 5:8 ( يخدمون شبه السماء وظلها. .. حسب المثال ).
3. يتحدّث الكتاب المقدّس عن ذاته بإعتباره كلمة الله ، وطريقة الكتاب المقدّس تبين بوضوح وجلاء أنّ الله فقط قادر أن يتحدّث بهذه الطّريقة. فالكتاب يتحدث بسلطان وقوّة عن الله وعن خليقته بطريقة لا يتحدّث بها إلاّ الله. ومن الملاحظ أنّ الكتاب المقدّس لا يحاول أبداً إثبات أنه كتاب الله ، فهو كتاب الله بالتأكيد.
4. كُتّاب وحي الكتاب المقدّس يؤكدون لنا أنّ ما كتبوه كان بوحي وسلطان من الله. فهؤلاء الرجال القديسّون أمثال موسى وصموئيل وعزرا وداود وأشعياء ويونان وزكريّا ودانيال وأرمياء ومتّى ومرقس ولوقا ويوحنّا وبولس كانوا رجالاً أتقياء ومثالاً للفضيلة ، ولم يكونوا مدَّعين أو غشاشين ، وكان لديهم الإستعداد الكامل حتى الموت من أجل إيمانهم. نقرأ في رسالة بولس الرّسول الثانية إلى تيموثاوس 16:3 قوله " كُلُّ الكتابِ هو موحى به من الله ، ونافعٌ للتّعليم والتّوبيخ ، للتّقويم والتَّأديب الّذي في البرِّ. "
5. حضَّر الله الرّجال الّذين سيوحي بواسطتهم كلمته لنقلها إلى العالم أجمع ، كما فعل مع موسى وداود وأشعياء حيث حضّر الله الظّروف والتّجارب والمشاعر ، وبالتّالي عبر الكُتّاب عن مشاعر كان الله قد حضرها سلفاً (راجع أشعياء 1:49ــ5 ، ارمياء 4:1ــ9 ، غلاظية 15:1ــ16 ، فالله يعرف مُسْبقاً المعيَّنين ، وبالتالي يعرف كُتاب الوحي والظروف التي سيعيشونها.
6. شهادة وحدة الكتاب المقدس : على مدى فترة زمنية تمتد حوالي 1600 سنة ، استخدم الله أكثر من أربعين رجلاً عاشوا في مناطق مختلفة وأوضاع تاريخية وسياسية واجتماعية وثقافية ودينية متباينة ، وأوحى الله إلى هؤلاء الرجال بالكتاب المقدس ، ورغم امتداد الفترة الزمنية وكثرة الكُتاب واختلاف أوضاعهم ، فإننا نلاحظ ما يلي :-
أ. إنسجام تام ورائع وفريد في الرسالة ، فالكتابات متصلة ومتناسقة ومتكاملة.
ب. إنعدام أي تناقض في الكتاب ، أي بين أسفاره المختلفة.
ت. عظمة وقدسية وعمق وغنى وروعة وبلاغة ما جاء في الكتاب المقدس بواسطة أفراد بسطاء مثل داود الراعي وبطرس ويوحنا اللذين كانا معروفين بأنهما جاهلان ، ومع ذلك فقد كتبوا عن مجد الله والطبيعة والإنسان والمصير الأبدي.
ث. لأن الكُتّاب أقروا واعترفوا مراراً وتكراراً أن ما كتبوه هو كلمة الله ووحيه ، وليس كلمتهم هم ، أي أن الكتاب
المقدس يشهد عن نفسه أنه من الله ( 2تيمو16:3 ، 2 بطرس 21:1 ، 1تسالونيكي 13:2 ، بطرس الأولى 23:1ــ25 9 ). حتى أن بعض أنبياء العهد القديم لم يفهموا ما نطقوا به (1بطرس10:1ــ12).
7. لأن الكتاب المقدس يخاطب كل إنسان في أي زمان ومكان وظرف ، وعندما يقرأه الإنسان يكتشف حقيقة البشرية ، الحقيقة المفرحة والحقيقة المرة ، وإنجازات الإنسان ، وسقطات الإنسان. فالكتاب المقدس يشبع الجوع الروحي والنفسي ، ويرشد البشرية لطريق الحياة الأبدية.
8. شهادة عمل الكتاب المقدس في حياة البشر على اختلاف أصولهم وأعراقهم ولغاتهم ( تأثير الكتاب المقدس على البشرية جمعاء ) : يقدم لنا الكتاب المقدس نظرة ثاقبة إلى الطبيعة البشرية ويظهر حقيقتها ، وفقط الله يعرف حقيقة الإنسان لأنه خالقه. لقد عمل الكتاب المقدس ، وما يزال يعمل في حياة ملايين الناس ، وقادهم من ظلام الخطية وبؤس الشر الى حياة الغفران والمحبة والسلام والحياة الفضلى. ففي الكتاب المقدس تعلن قوة الله المخلِّصة والمقدِّسة ، والله حي وما يزال يعمل في التاريخ بواسطة كلمته المقدَّسة لإتمام مقاصده في حياة كل إنسان في الوجود ، وهذا من أعظم البراهين على أن الكتاب المقدس هو كلمة الله الأزلية. فجميع شعوب العالم تجد حاجتها في الكتاب المقدس ، ومن يؤمن بالكتاب يتغير كلياً إلى إنسان جديد.
9. شهادة ألوعود في الكتاب المقدس : يوجد في الكتاب المقدس وعود كثيرة جداً جداً ، والله وحده القادر أن يعطي هذه الوعود لأنه قادر على إتمامها ، وهذه الوعود صادقة ومقدسة. وهي وعود متنوعة منها ما يتعلق بعمل الله في حياة الإنسان المؤمن ، ووعود تتعلق بالعالم والكون والتاريخ والمجتمعات البشرية المختلفة ، وهذه الوعود تتم في حياة المؤمنين يومياً ، كذلك فإن تتابع أحداث العالم والتاريخ يكشف لنا عن صدق هذه الوعود، وأن معطيها هو الله. ومن أهم الوعود في الكتاب المقدس هو وعد الله بحفظ الكتاب المقدس وحمايته إلى الأبد. فمثلاً قد تم جمع الآيات الواردة في كتابات أباء الكنيسة ، فتم جمع غالبية العهد الجديد.
10. شهادة نبوات الكتاب المقدس : يحتوي الكتاب المقدس على نبوات كثيرة ومتنوعة تتعلق بمسيرة التاريخ حتى نهاية العالم ، وبعض هذه النبوات تمت وبعضها يتم في أيامنا وبقيتها سيتم حتماً في المستقبل القريب وحتى مجيء المسيح مرة ثانية والقيامة ويوم الدين والحياة الأبدية. وبديهيٌ أن الله وحده رب وسيد التاريخ ، ويعرف كل شيء ، وهذا دليل قاطع على أن الكتاب المقدس ، الذي هو كتاب النبوات ، هو كلمة الله. ومن نبوات الكتاب المقدس :
أ. كل التفاصيل المتعلقة بتجسد المسيح وأعماله وعجائبه وموته وقيامته وصعوده وعودته ثانية.
ب. نبوات عن ممالك وأمم عديدة جداً في العالم.
ت. نبوات عن حروب وإضطرابات وكوارث وزلازل وبراكين وأمراض جديدة.
ث. نبوات عن الحروب العالمية وهيئة الأمم وانقسام العالم إلى معسكرات والحضارة العالمية.
ج. نبوات تتعلق بتفاصيل نهاية العالم والحياة الأبدية.
11. شهادة سمو تعاليم الكتاب المقدس وعظمتها وتفوقهاعلى أية تعاليم موجودة في العالم ، تثبت أن هذه التعاليم هي كلام الله بالتحديد. فعمق الكتاب المقدس غير متناهي. وكلما درس الإنسان الكتاب المقدس بعمق أكثر كلما اكتشف به كنوزاً أكثر.
12. شهادة الروح القدس الساكن في قلوب المؤمنين تؤكد لنا أن الكتاب المقدس هو كلمة الله.
13. شهادة أخلاق وميزات الأشخاص الذين يقبلون الكتاب المقدس بالإيمان واليقين بأنه كلمة الله الحية والفعالة. فأخلاق وميزات المؤمنين به شهادة حية للكتاب المقدس ، وكلما نما الإنسان في حياة القداسة والتقوى والمعرفة كان نموه بواسطة ونحو الكتاب المقدس.
14. شهادة تاريخ الكتاب المقدس وانتصاره على جميع الهجمات التي تعرض ويتعرض لها.
15. شهادة الآثار والإكتشافات والحفريات والمخطوطات والتاريخ وسجلاته ، كلها تؤكد على صدق رواية الكتاب المقدس.
16. شهادة علم الكتاب المقدس :يحتوي الكتاب المقدس على حقائق علمية عديدة جداً ، وهذه الحقائق تتفق تماماً مع اكتشافات العلم الحديث ، ومن الأمثلة على ذلك :-
أ. أشعياء 22:40 " الجالس على كرة الأرض ".
ب. أيوب 7:26 " يعلق الأرض على لا شيء ".
ت. لاويين 11:17 " نفس الجسد هي في الدَّم ".
ث. ايوب 5:28 " أرضٌ يخرج منها الخبز أسفلها ينقلب كما بالنار "
ج. ايوب 25:28 " ليجعل للريح وزناً ويعاير المياه بمقياس ".
17. فلسفة الكتاب المقدس تفوق أية فلسفة وضعية وفلسفة أي كتاب آخر يدعى أنه ديني.
18. تعاليم الكتاب المقدس الأخلاقية لا مثيل لها في الكون. فمثلاً الموعظة على الجبل لا يضاهيها أية تعاليم من حيث إعجازها وعظمتها وشموليتها.
19. التأثير الأخلاقي للكتاب المقدس في حياة الشعوب : فهو يكشف الخرافات وينهي الجهل ويبطل الوثنية وعبادة الأرواح ، أي أن في الكتاب المقدس قوة خلاقة تؤكد على أنه كتاب الله.
الكتاب المقدس هو بالفعل كلام الله ، وهذا يعني أن على جميع الناس الإيمان بكل ما فيه من حقائق تتعلق بالله وطبيعته وإرادته ووحيه ، وعن الإنسان وطبيعته وسقوطه ، وعن الطريق التي رسمها الله للبشرية من أجل إتمام الفداء والخلاص. أي أن عصمة الكتاب المقدس تلزم الجميع بقبوله وقبول الحقائق والعقائد المختلفة التي يعلنها وخاصة وحدانية الله في الثالوث ، وسقوط الإنسان ، وتجسد الله في الرب يسوع المسيح لفداء الإنسان ، والنبوات المتعلقة بالأيام الأخيرة ، وملكوت الله الأبدي.
إن خبرتنا اليومية ، واستجابة الصلاة ، والشفاء ، والبركات الكثيرة ، والفرح الدائم. كل هذه الأمور تؤكد لنا أن الكتاب المقدس هو كلمة الله.
كذلك لا يحتاج الناس إلى جميع الإجابات حتى يتأكدوا أن الكتاب المقدس هو الحق وبأنه كلمة الله. وبكلمات أخرى : ستبقى معرفة الإنسان محدودة ، ولكن ذلك لن يغير من حق الله.
إن من لا يطلب الخلاص ، ولا يقبل المسيح رباً لحياته ، لن يقبل الكتاب المقدس. فغير المؤمن الذي لم يتب عن شروره وفساده وخطاياه ، أي الشخص الذي لم يولد من جديد ، لا يستطيع أن يفهم الكتاب المقدس ، وبالتالي لا يقبله باعتباره كلمة الله ( 1كورنثوس 14:2 ).
ومن الملاحظ أن العداء لكلمة الله أساسه في الحقيقة مطالب كلمة الله لحياة الطهارة والقداسة والإبتعاد عن شهوات الجسد الردية. في حين نجد أن تعاليم وديانات العالم تسمح للشخص بأن يمارس الفساد والرذيلة تحت أسماء ومبررات مختلفة. فنجد أن الشخص الذي لا يؤمن بالمسيح ، يأتي دائماً لقراءة الكتاب المقدس ولديه موقف عدائي مسبق ، فهو لديه اعتقاد معين ، ويأخذ في البحث عن أيَّة إشارة أو كلمة ليثبت إدِّعائه الباطل ، ولا يرى كل الروعة والجمال والحق والقداسة التي يزخر بها الكتاب المقدس.