حكاية في الإلحاد
منذ عشر سنوات تقريبًا، تقابلت على أحد شواطئ مدينة الإسكندرية الجميلة، شخصًا، تبادلنا أطراف الحديث فيعدة أشياء، ثم فاجأني أنه ملحدًا،
حيث لم تكن موضة الإلحاد قد ظهرت في مصر، أو العالم العربي، وكانت هي المرة الثانية التي أقابل فيها ملحدًا في العالم العربي
فسألته، هل ممكن أن توضح لي كيف جاء هذا البحر الذي نجلس أمامه، كيف جاءت الجبال والأنهار والطيور والإنسان؟
فرد عليّ قائلاً أنها تراكمات ولا يوجد إله فكل شئ جاء مصادفة
فحكيت له حكاية كنت قد سمعتها من أحد الوعاظ قبلها بسنوات مع بعض تعديلات أضفتها للحكاية مطبقًا إياها على نفسي، ولم أكن وقتها أعرف أنها فكرة لمجادلة من مجادلات الإلحاد
قلت له، ما رأيك في ساعة يدي هذه، فقد أنها جيدة وجميلة
فقلت له لم أشتريها من بائع ساعات ولا أنتجها أي مصنع، فقال كيف هذا؟ من أين جئت بها؟ فقلت له ، أنا أسكن في حي شبرا، وبينما أسير في شارع شبرا وجدت عقرب الساعة الكبير يسير وحده ثم فجأة اقترب منه العقرب الصغير، مشيا معًا، حتى وجدا العقرب الرفيع عقرب الثواني، ومشوا جميعًا وانا أتابعهم، حتى وجدا بجوار أحد مطاعم شبرا معصم اليد أو ما يسمونه "استيك الساعة" وفرحوا جميعًا، ولكنهم احتاجوا لما يسمي "بالمينا" ثم الأرقام فمسمار الضبط، فظلوا يبحثون لساعات في شارع شبرا والسوارع المحيطة، وأخيرًا وبعد طول بحث وجدوا ما يريدون، فتكونت الساعة، ثم سارت الساعة مكتملة في شارع شبرا، سعيدة جدًا وفرحة أنها صنعت نفسها، وقرروا معًا أن يمنحوا أنفسهم كساعة كاملة لأحد الأشخاص، فجاءوا إلى لما أدركوا أني اتابعهم، وهكذا تكونت الساعة وأصبحت أنا صاحبها
بعد أن انتهيت من قصتي هذه، نظر إلي نظرة إستهزاء، وقال لي كيف تقول كل هذا الهراء
فقلت حسنًا قد نجحت في توصيل فكرتي إليك
انت تقول أن كل هذا العالم تكون بالصدفة، وبلا صانع، طل هذا الكون الفسيح العظيم تكون مصادفة، هذا ما توافق عليه، لكن هذه الساعة الصغيرة البسيطة الرخيصة ترفض أن تكون قد تكونت من ذاتها
نظر إلي وسكت ولم يعلق
بالتأكيد للكون خالق ومحرك أول، كيف أثق في عالم تكون بالصدفة، كيف أثق في عالم جاء بلا خطة ولا رؤيا ولا هدف، وكيف أعيش فيه؟ ولماذا؟
لو كان هذا العالم هكذا عليّ الإنتحار فورًا وبلا تردد، فلا أمل ولا رجاء ولا هدف
كل شئ بالصدفة جاء فلا فائدة تُذكر منه
في الأسابيع المقبلة سوف نوالي نشر بعض المقالات في الإلحاد فتابعنا
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
