متى يكون الموت صديقًا؟
يقول الرسول بولس: "آخر عدو يُبطل هو الموت" (١كو ١٥: ٢٦). إن وصف الموت بالعدو للإنسان هو حق ووصف دقيق لأن الموت نقيض الرجاء ومحطم الآمال ويهدم مطامح البشر بالوجود والبقاء. إنه يحرم الإنسان مما جمعته يداه، وأنجزه اجتهاده، وابتكره فكره. يحرم الإنسان من أهله وأولاده وأقاربه وأحبائه، ومن كل عزيز ومسرّ وثمين بنظره. إن الموت ضد الحياة لذلك هو بغيض وكريه وبشع. إنه كابوس البشر الدائم، لذلك يسميه الكتاب بالعدو. ولكن هل يمكن أن هذا العدو يغدو صديقًا؟ متى يصبح الموت صديقًا؟ يصبح الموت صديقًا عندما يهرم الإنسان ويعجز عن القيام بأعباء معيشته اليومية، عندما "اللوز يزهر والجندب يُستثقل والشهوة تبطل لأن الإنسان ذاهب الى بيته الأبدي" (جا ١٢: ٥). عندئذ يتمنى الإنسان أن يموت ويخلص من أعباء الحياة. يصبح الموت صديقًا عندما لا تحافظ الحياة على كرامتنا فنمسي عالة على غيرنا ولو كانوا من أعز الناس بالنسبة إلينا. عندما نغدو ثقلا على الناس ولا نعود بقادرين على الحفاظ على رفعة الرأس، عندما يُخفضنا ذُل السؤال، وتهيننا نظرات الإشفاق، في تلك الأثناء يغدو الموت صديقًا لنا ونرجوه ألاّ يتأخر! متى يصبح الموت صديقًا لنا؟ ولماذا السؤال؟ إنه دائمًا صديقنا لأنه طريق لقائنا بفادينا الحبيب يسوع المسيح وبأحبائنا الذين سبقونا. "لي الحياة هي المسيح والموت ربح، لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدا" (في ١: ٢١-٢٣).
الدكتور القس غسان خلف