نستكمل مناقشتنا لما ذكره السيد الدكتور سيد القمني المفكر الإسلامي، وهجومه على الكتاب المقدس على قناة القاهرة والناس
وقد سبق الرد على الدكتور القمني في مقالين تجدهما على اللينكين التاليين
اليوم نناقش قول القمني في قوله أن لفظ "لفيف" والمقصود به خروج بعض المصريين مع اليهود عند خروجهم من مصر، قال القمني أنهم هم أنفسهم اللاويين المذكورين في التوراة، واللاويين هم رجال دين يهود يعملون مع الكهنة وقد اختار الله الكهنة واللاويين للخدمة في خيمة الاجتماع ثم الهيكل
وقال القمني أن هؤلاء قد تأثروا بأوثان مصر وبالتالي قد أثروا في اليهود وبسببهم عبدوا الأوثان، وعبادة الرب يهوه هي مثلها مثل الأوثان
الرد
من سنوات خرج القذافي بتلك الفكرة الغريبة: أن "شكسبير" أصله عربي وذلك لأن اسمه مكون من كلمتين: الشيخ، زبير!!
ولكن الأعجب عندما خرجت فكرة أخرى من مفكر كبير مثل د القمني الذي خرج علينا يوم 25 أكتوبرليقنعنا بأن اللفيف المصري الذي خرج مع شعب إسرائيل هم الكهنة اللاويين وكان دليله: هو تأويل كلمة لفيف مع كلمة لاوي، فالكلمتان لفظيا ممكن تقريبهم !!
فهل فعلا اللفيف المصري الذي خرج مع شعب إسرائيل هم فعلا كهنة إسرائيل وكانوا يعبدون الاله ست ؟!
لا أعلم كيف وصل الخيال بالدكتور القمني ليجعل بعض الحقائق مع الخيال الواسع وكأنها الحقيقة ؟!!
أولا: توضيح لمعنى كلمة لفيف وكلمة لاوي من النص العبري:
- الاختلاف كبير لفظا:
لفيف في العبري يوجد لها كلمتين
الاولى
ערב
تنطق: "عيرف"
والثانية
אָסִיף
وتنطق: "اساف أو صوف"
بينما لاوي
לוִי
تنطق: "ليفي"
يعني الاختلاف كبير لفظًا ومعنًا
- ماذا عن المعنى ؟ لفيف في الكلمتين تعني: خليط أو كثير،
بينما كلمة لاوي فتعني: يقترن او يرتبط أو رفيق
ثانيا: تاريخ لاوي وتاريخ اللفيف:
تبدأ قصة لاوي ابن يعقوب من سفر التكوين وامه هي ليئة تكوين 29: 34 عندما ولدته قالت أن زوجها يقترن ويرتبط بها تك 29: 34 وتكلم عنه يعقوب في بركته تكوين 49، ونزل لاوي مع اخوته لمصر لشراء القمح ويستمر أولاد يعقوب في مصر فترة كبيرة ويسجل الكتاب أسماء الاسباط خروج 1 ثم نأتي لقصة زواج عمرام و يوكابد لينجبوا وهرون وموسى.
- هل تعلم من اى سبط هم ؟ هم من سبط لاوي " وذهب رجل من بيت لاوي وأخذ بنت لاوي فحبلت المرأة وولدت ابنا. ولما رأته أنه حسن، خبأته ثلاثة أشهر" (خر 2: 1، 2) ثم يختار الله موسى النبي وهرون أخيه كرئيس للكهنة ويستلم موسة الشريعة ونظام العبادة التي كان يقوم بنظامها هم سبط لاوي
“وكلم الرب موسى قائلا: قدم سبط لاوي وأوقفهم قدام هارون الكاهن وليخدموه ، فيحفظون شعائره وشعائر كل الجماعة قدام خيمة الاجتماع، ويخدمون خدمة المسكن، فيحرسون كل أمتعة خيمة الاجتماع، وحراسة بني إسرائيل ويخدمون خدمة المسكن" (عدد 3: 5 – 8)
فهم سبط مثل باقي الاسباط أخوتهم وليس مجرد خليط او لفيف!!
وصحيح انهم لم يكن لهم مساحة ارض محددة مثل باقي ال 11 سبط ولكن ذلك كان طبيعي لطبيعة دورهم، فلان الرب أعلن أن نصيبهم هو الرب لذلك كان لهم دور روحي لخدمة الله وتشجيع الشعب على عبادة الرب فكان لابد ان يقيموا في كل أراضي باقي الاسباط ولذلك حدد لهم الرب 48 مدينة موزعة في اسباط إسرائيل.
“والمدن التي تعطون اللاويين تكون ست منها مدنا للملجإ. تعطونها لكي يهرب إليها القاتل. وفوقها تعطون اثنتين وأربعين مدينة.جميع المدن التي تعطون اللاويين ثماني وأربعون مدينة مع مسارحها" عدد 35: 6، 7
- اما تاريخ اللفيف فهو يبدأ من تلك الفترة الصعبة عند عبوديتهم بأرض مصر، وأمتدت يد الله لالهة المصريين لان الحرب لم تكن مع المصريين بل مع الهة المصريين، فكل ضربة كانت موجهة لاله محدد، فكان الرب يعلن أنه هو الاله الحقيقي "فيعرف المصريون أني أنا الرب حين أتمجد بفرعون ومركباته وفرسانه" (خر 14: 18)
ولذلك خرج بعض المصريون مع الإسرائيليين عند خروجهم من مصرلانه ببساطه كان الرب يرحب بكل من يقبل، فهو نفس الاله الذي رحب بشعب نينوى، راعوث بل حتى راحاب الزانية، يرحب بكل من يقبل ولكن مع ملاحظة أن الشعب ظل يحتفظ بسجلات نسبه، فكل شخص يعرف ابن من هو حتى يرجع لسبطه.
بمراجعة نصوص التوراة تجد بعض الآيات مذكور فيها لفظ "لفيف" وبقراءة هذه الآيات ستجد فرقًا بين ذكر اللفيف وبني إسرائيل عامة
ومثلاً:
آية (خر 12: 38): وَصَعِدَ مَعَهُمْ لَفِيفٌ كَثِيرٌ أَيْضًا مَعَ غَنَمٍ وَبَقَرٍ، مَوَاشٍ وَافِرَةٍ جِدًّا.
"آية (عد 11: 4): وَاللَّفِيفُ الَّذِي فِي وَسَطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً. فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضًا وَبَكَوْا وَقَالُوا: «مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْمًا؟"
توح الآيات أن هناك فرقًا بين اليهود واللفيف، ولو كان اللفيف جزء من بين بني إسرائيل ما ذكره منفصلاً بهذا الشكل
ثالثا: يتبقى هل فعلا أثر اللفيف من المصريين على عبادة الرب الاله؟
نعم تأثر شعب إسرائيل بهم، وتسجل التوراة أن هؤلاء اللفيف تذمروا ونقلوا ذلك للشعب فتذمروا على موسى والرب الاله سفر العدد ص 4
بل تاثر الشعب فعلا بسنين من عبادات وثنية كانت حولهم ولذلك نجد تلك الردة التي حدثت عندما كان موسى مع الله يستلم الشريعة، نجدهم يصنعون عجلا ذهبيا يرقصون حوله على انه إله !! ولكن غضب الله القدوس على ذلك وهنا يوبخهم موسى ويصرخ بشكل واضح " وقف موسى في باب المحلّة. وقال من للرب فإليّ. فاجتمع اليه جميع بني لاوي." (خر 32: 26)
وهنا كان واضحًا أن سبط لاوي أنضم لموسى لتنقية الشعب صلب الرقبة في ذلك الوقت. فهل بعد ذلك يأتي من يقول إن عبادة الرب الاله هي مثل العبادات الوثنية او مثل عبادة العجل ابيس ؟!!!
وهكذا تستمر القصة الكتابية بأن نرى إله قدوس ينقي له شعبا مقدسا حتى يأتي منه مسيح الرب. فما أكبر الهوة بين الاله القدوس وبين تلك الخرافات !!
سعيد صمويل