الدفاعيات في القرون الأولى
لماذا ظهرت الكتابات الدفاعية فى القرون الاولى للمسيحية ؟ ندخل إلى الشرح مباشرًا:
الدفاعيات في القرون الأولى من انتشار المسيحية كان لها طابع خاص، وذلك نتيجة لما تميزت به تلك الفترة في نشأة المسيحية من أحداث خاصة. فقد عانى مسيحيو القرون الأولى من الاضطهاد والهجوم وسوء المعاملة والاحتقار وتشويه السمعة، وكانوا محاصرين من ثلاث جبهات آنذاك هم اليهود والرومان والوثنيين. ولذلك يمكن تلخيص ظهور الكتابات الدفاعية نتيجة للعوامل التالية:
1- مواجهة الاضطهادات بأنواعها.
2- مواجهة البدع والهرطقات.
3- مواجهة الانشقاقات داخل الكنيسة.
4- مواجهة التشكيك في المعتقدات.
وقد تمثلت الكتابات الدفاعية في خطابات أو رسائل مفتوحة للأباطرة، أو في صورة رد على اتهامات موجهة ضد المسيحية والمسيحيين، أو في صورة حوار لشرح المسيحية والدفاع عنها. وقد اهتمت الكتابات الدفاعية بثلاثة محاور أساسية:
أ- الرد على الاتهامات، وخاصة اتهام الكنيسة بأنها تمثل نكبة على الدولة. فقد أكدت الكتابات الدفاعية أن الإيمان المسيحي يمثل قوة تسند سلام الدولة وتعمل على رفاهيتها، وأن المسيحيين مواطنين صالحين ومخلصين وملتزمين.
ب- كشف أخلاقيات الوثنية وضلالاتها، وإعلان أن الإيمان المسيحي وحده هو القادر على تقديم فهم صحيح عن الله والعالم والإنسان. كما دافعت عن العقائد الرئيسية مثل وحدانية الله وقيامة الأموات ولاهوت المسيح. كما حملت تلك الكتابات روحاً كرازياً فاهتمت بجذب القارئ ليقبل الحق ويفهمه بلغة العصر وقتها أي الفلسفة.
ج- محاولة التوافق بين الفكر المسيحي واليوناني، فقدمت الفلسفات بكونها اعتمدت على العقل البشري وحده فقدمت جزء من الحق ممتزجاً بأخطاء كثيرة، أما الإيمان المسيحي فقد الحق من خلال اللوجوس (كلمة الله) الذي تجسد معلناً الحق الإلهي كاملاً للبشر.
بداية الكتابات الدفاعية
أقدم الكتابات الدفاعية كانت كتابات "كوادراتوس" أسقف أثينا، والذي وجه دفاعه إلى الامبراطور هادريان (125م). وفي هذا الدفاع هاجم آلهة اليونان ومصر الوثنية.
كذلك كتابات "أرستيديس الأثيني" (140م) تُعد من أقدم الكتابات الدفاعية، وهو فيلسوف يوناني اعتنق المسيحية، وكانت كتاباته موجهة إلى الامبراطور هادريان أو أنطونيوس بيوس مبرهناً على سمو المسيحية عن باقي الديانات الأخرى. وشملت كتاباته التماساً وجهه إلى الذين ليس لهم معرفة بالله أن يقتربوا من الإيمان المسيحي. كذلك احتوت على مطالبة للإمبراطور أن يتوقف عن اضطهاد المسيحيين.