من هو ملكى صادق؟المقال الثانى
نستكمل فى هذا المقال الثانى من هو ملكى صادق مع قداسة البابا شنودة الثالث:
هل هو المسيح ، أم مجرد رمز للمسيح ؟وهل هو شخص حقيقى ، أم احدى ظهورات للرب ؟ أيمكن أن نصدق أنه الله ؟! ما عقيدة الكنيسة فيه ؟
9-كان ملكى صادق رمزاً للمسيح ولكنه لم يكن هو المسيح ، ولا أحد ظهورات المسيح فى العهد القديم
كان رمزاً للمسيح فى كهنوته ( مز 110 : 4 ) وفى أن هذا الكهنوت ليس عن طريق الوراثة ، وأنه كهنوت أعظم من كهنوت هرون ، وأنه كهنوت يقدم الخبز و الخمر وليس الذبائح الحيوانية كما كان يرمز إليه فى الجمع بين الكهنوت والملك
ولكنه كان مجرد رمز ، و لا يعنى ذلك أنه كان المسيح ذاته
فكثيرون كانوا رموزا للمسيح ، ولم يكونوا هم المسيح !
كان أسحق رمزاً للمسيح فى تقدمة الابن الوحيد ، وكان يوسف الصديق رمزاً للمسيح فى أنه بيع بواسطة اخوته ، وكان سليمان رمزاً للمسيح فى حكمته ، وفى معنى اسمه الدال على السلام ، وكان أيوب رمزاً للمسيح فى آلامه و تجاربه ولكن لم يكن واحد منهم جميعاً هو المسيح بالذات وهكذا كان ملكى صادق رمزاً للمسيح فى كهنوته وملكه ، ولم يكن هو المسيح
10-وقد يظن البعض أنه المسيح ، من معنى اسمه ووظيفته
حقا إنه كان رمزاً للمسيح فى معنى اسمه ، إذ أن كلمة ملكى صادق معناها ملك البر و المسيح فعلا هو ملك البر وظيفته ملك ساليم معناها ملك السلام و المسيح فعلاً هو ملك السلام وإن كان هذا لا يمنع أن ساليم كانت مدينة حقيقية ، وهو ملك علينا
على أن معانى الاسماء لا يمكن أن تؤخذ دليلاً فكثيرون كانت لهم أسماء ، ولها معنى لا يدل على واقع !!
اشعياء معناها الرب يخلص ولكن لا يعنى الاسم أن صاحبه هو الرب الذى يخلص كذلك يشوع النبى معناها خلاص يهوه ، ولا يعنى اسمه أنه يهوه المخلص ودانيال معناها الله يقضى أو قضى ، و تدل على أن دانيال هو الله الدينان وبنفس القياس صموئيل معناها اسم الله ، واسماعيل معناها الله سمع ، دون أن تعنى لاهوتاً لأحد منهم ويوآب معناها الله أب ، يؤئيل معناها يهوه هو الله ومعنى الاسم لا يدل على واقع عملى وكذلك يوحنا معناها الله حنان أو حنون ، دون أن تدل على أن يوحنا هو الله الحنون والأمثلة لا تدخل تحت حرص .
فكلمة ملكى صادق معناها ملك السلام ، لا تعنى مطلقا أنه المسيح ملك السلام
من وله أذنان للسمع فليسمع .
11-لم يقل الرسول إن ملكى صادق هو المسيح ابن الله وإنما قال " مشبه بابن الله "
وهناك فرق كبير بين التعبيرين : ابن الله ، ومشبه بابن الله كذلك لم يقل إن المسيح هو ملكى صادق وإنما كاهن على رتبة ملكى صادق
ولو كان هوهو ، لكان قد قال " ظهر الله لابرام " كما ورد فى مواضع أخرى خاصة به أو بغيره
12-كذلك لم يقل الكتاب إنه الله ، إنما " كاهن الله العلى "
وهناك فرق كبير طبعاً بين التعبيرين وإذا كان ملكى صادق كاهن الله العلى ، فلمن كان يكهن ؟
لا شك أنه كان له شعب يقوم نحوه بعمل الكهنوت وطبعاً كان هذا الشعب ، هو شعب ساليم
إذن كان شخصاً له وظيفته وعمله ، وليس مجرد ظهورات .
وإن كان مجرد ظهورات ، فهل الخبز و الخمر اللذان قدمهما كانا مجرد ظهورات أيضاً و العشور التى أخذها من بينا ابراهيم أين ذهبت ؟!
13-ورد لقب " كاهن الله العلى " لأول مرة ، عن ملكى صادق
كان الآباء البطاركة الأول ، مثل نوح وأيوب وابراهيم واسحق ويعقوب ، يقومون بعمل الكهنوت ويقدمون ذبائح ومحرقات ولكن لم يذكر لهم لقب الكهنوت بهذه الصراحة وأول شخص قيل عنه إنه كاهن ن كان ملكى صادق
ومن غير المعقول أن أول مرة ترد فيها عبارة كاهن ، تكون عن شخص لا وجود حقيقى له ، إنما هو مجرد ظهورات !!
كذلك قيل عنه إنه كاهن الله العلى وليس إنه هو الله العلى
14-كون أن أبانا ابراهيم قدم له العشور ، وقبل منه البركة ، دون أن يسأله من أنت وما هى وظيفتك ، كماسال يشوع ( يش 5 : 13 ) ، كما سال منوح أبو شمشون ( قض 3 : 17 ) وكما سأل يعقوب ( تك 32 : 29 ) وأيضاً دون أن يعلن ملكى صادق نفسه من هو ، كما أعلن الرب نفسه لموسى ( خر 3 ك 6 ) ، كما أعلن رئيس جند الرب نفسه ليشوع (يش 5 : 14 )
يدل على أن ابراهيم كان يعرفة
لأنه من غير المعقول أنه يعطى العشور لشخص لا يعرفه وإن كان يعرفه ، إذن هو شخص حقيقى ، معروف الإسم و الصفة ومادام معروفاً إنه كاهن الله ، أنه ملك ساليم ، إذن ليس هو المسيح
وإن لم يكن ابراهيم يعرفه ، لابد كان يسأله من أنت .
15-طريقة مباركته لابرام ليست طريقة الله
لقد " باركه وقال : مبارك ابرام من الله العلى مالك السموات والأرض ومبارك اللع العلى الذى أسلم أعداءك فى يدك " ( تك 14 : 19 ، 20 )
ومن غير المعقول أن الله لا يبارك مباشرة ، كما فعل مع ابرام من قبل ، من فمه وسلطانه قائلا " أجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك ، تكون بركة ، أبارك مباركيك ، ولاعنك ألعنه و تتبارك فيك جميع قبائل الأرض " ( تك 12 : 2 ، 3)
أما هنا فيقول " مبارك أنت من الله " إنه اسلوب كاهن ، وليس اسلوب الله مصدر البركة " كذلك يسبح الله قائلا " ومبارك الله العلى الذى أسلم اعداءك فى يدك " ( تك 14 : 20 ) لو كان هو الله ، كان هو الله ، ما كان يسبح نفسه ، ويتكلم عن نفسه هكذا .
16-أبونا ابراهيم أيضاً لم يسجد له
ولم يقدم له أية مظاهر الخشوع و الرهبة كإله
كما حدث لما رأى الرب و ملاكين عند بلوطات ممرا، " فسجد إلى الأرض " (تك 18 : 2 ) وكما حدث لما ظهر الرب فى العيقة لموسى النبى " فغطى موسى وجهة ، لأنه خاف أن ينظر إلى الله " ( خر 3 : 6 ) وكما حدث مع منوح وامرأته ( والدى شمشون ) ، إذ يقول الكتاب " فسقطا على وجهيهما إلى الرض وقال منوح لإمراته : نموت موتأ لأننا قد رأينا الله " ( قض 13 : 20 ، 22) وكما حدث مع يشوع بن نون " فسقط يشوع على وجهة إلى الأرض وسجد ، وقال له : بماذا يكلم سيدى عبده ؟ " ( يش 5 : 15 )
أما مع ملكى صادق ، فلم يحدث شئ من هذا كله ، ولا حتى مجرد كلمة من ابرام إنما " أعطاه عشرا من كل شئ " ككاهن وانتهى الأمر لنتصور أن هذا لقاء مع الله ؟
17-كذلك لم يحدث من قبل فى أى ظهور إلهى سابق ، أن يذكر اسم الشخص ، وصفته ووظيفته ، وبلده ، وتفاصيل عمل قام به مثلما حدث مع ملكى صادق ، مما يدل على انه إنسان واقعى ، وليس مجرد ظهور
وهكذا اعتقد فيه اليهود ، كما ورد فى التلمود ، فى ترجوم يوناثان ، وفى ترجوم أورشليم و المؤرخ يوسيفوس من أشهر ؤرخى التاريخ الكنسى ، ذكر أنه إنسان له الصفة التى ذكرها الكتاب و القديس يوحنا ذهبى الفم ذكر أنه إنسان له الصفة التى ذكرها الكتاب و القديس يوحنا ذهبى الفم ذكر أنه إنسان ، وإن كان الكتاب لم يسجل بداية حياته ونهايتها
كذلك نقول إن كل ما ورد فى ( عب 7 ) كان عن الكهنوت وليس عن الشخص
لم يكن التركيز على ملكى صادق ، إنما على سمو كهنوته كما لم يكن التركيز على أبرام ، إنما على الكهنوت الهارونى الذى فى صلبه ، ومباركه هذا الكهنوت من كهنوت ملكى صادق ، ودفع العشور له
وكذلك أيضاً ما ورد فى ( عب 5 ) ، ( عب 6 ) كله من الكهنوت ، وليس عن الشخص
" ليصير رئيس كهنة كما يقول أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكى صادق " (عب 5 : 5 ، 6 ) " مدعوا من الله رئيس كهنة على رتبة ملكى صادق " ( عب 5 : 10 ) " لأجلنا صائراً على رتبة ملكى صادق رئيس كهنة إلى الأبد " ( عب 6 : 20 )
كل الكلام عن كهنوت ملكى صادق ، وليس عن شخصه
أما أن يكون ملكى صادق ملك ساليم وكاهن الله العلى ، هو الله العلى نفسه ، ويقال إنه أزلى أبدى!! فهذا أمر مرفوض تماماً ، ولا يسنده نص الكتاب ومن له أذنان للسمع فليسمع ( لو 14 : 35 )