لماذا لا يوجد تشريع مجتمعي في المسيحية؟
أعطى الله للنبي موسى في العهد القديم، شريعة حياتية يمارسها اليهود باستمرار، بينما لا نجد هذا الأمر في المسيحية
فلماذا؟
حين أخرج الله بني إسرائيل من مصر متجه بهم إلى فلسطين، اعطاهم تشريعات وقوانين ومبادئ وطقوس، وكانت إقامتهم إقامة مجتمعية، في بقعة واحدة من الأرض، والمجتمع يحتاج لقوانين تحكمه
أعطاهم الله
الشريعة الطقسية،
وهي تقديم الذبائح والتقدمات المختلفة، وهذه الذبائح إجمالاً كانت إشارة للمسيح، الذبيح الأعظم الذي جاء وكفر عن ذنوب كل البشرية، فلم يعد للمسيحيين حاجة لتقديم الذبائح في العهد الجديد
الشريعة الأدبية،
وهي الأوامر والنواهي بطاعة الله والحياة بالقداسة، وعدم عبادة الأوثان ولا الزنا وغيرها من الوصايا،
وهي التي عمقها المسيح وأعطاها بعد روحي أعظم وأروح، فمثلاً قال الله لموسى النبي في التوراة "لا تزن" (خروج 20: 14)
وحين جاء المسيح متجسدًا على أرضنا قال: "إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه" (متى 5: 28)
فلم يلغ المسيح وصية الله لموسى بعدم الزنا لكنه أعطاها بعدًا روحيًا عظيمًا ليضمن نقاوة وقداسة الفكر والنظر عند الإنسان
الشريعة المدنية،
وهي القوانين التي تحكم المعاملات البشرية اليومية المجتمعية بين الناس،
ليضمن الحد الأدنى للعدالة بين الناس في تعاملهم اليومي، فمثلاً: "من ضرب إنسانًا فمات يُقتل قتلاً" (خروج 20: 12) وهكذا من القوانين التي تحكم المجتمع.
وبذلك نجد أن الذبائح تشير للمسيح، فطبيعي جدًا ألا نقدمها ثانية
والوصايا الأدبية كما هي بل أعمق وأعظم
بينما القوانين المدنية التي كانت موجودة، لم تعد في العهد الجديد، لماذا؟
عاش اليهود معًا في مجتمع واحد، يحتاج لقوانين كي لا يتحول مجتمعهم لغابة، بينما المسيحيون تفرقوا في كل أنحاء العالم، وعليهم أن يعيشوا مواطنين صالحين في كل مجتمع يعيشوا فيه،
ويطيعوا القانون المدني المنظم لحياة البشر، إلا الذي يتنافى مع طاعة الله مثل عبادة الأوثان أو عبادة الإمبراطور
وفي هذا رسالة واضحة للبشرية، ألا تنتظر من الرب أن يعطيهم قوانين بعد ذلك يحيوا بها، بل ينطلقوا مبدعين مبتكرين بحسب حضاراتهم وثقافتهم وتطورهم المعرفي،
فيغيرون ما شأوا من نُظم وقوانين تساير التطور الحياتي اليومي ولا يتقيدوا بقانون إلهي يحكم المجتمع،
فقد يكون هناك قانون يناسب فترة زمنية معينة وبيئة معينة وثقافة معينة، لكن بعد مرور السنين يصبح غير مناسب فيتم تغييره،
ولو أعطى الله للبشر قوانين مجتمعية ثانية ما استطاع البشر تغيير القوانين ولا مسايرة التقدم والتطور المذهل الحادث الآن
أعطى الله بني إسرائيل القوانين المدنية لأنهم سيعيشون معًا وفي حاجة لقوانين تحكمهم لفترة معينة محددة، لكن حين جاء المسيح وأمن به ملايين البشر في كل بقاع الدنيا،
فعليهم أن يطبقوا ما يرون من قوانين تحكم حياتهم وعليهم أن يعيشوا في رضى الله،
في سلوك مقدس فكرًا وقولاً وفعلاً ونظرًا
وينطلقوا بحرية وتطور وإبداع لا ينتهي
لذلك لا يوجد في المسيحية قوانين مدنية
لوثر خليل