هل البشارات الأربع التي تحكي لنا قصة حياة المسيح محرفة وتم التلاعب فيها؟ المقال الثامن ... 8
الشك في موثوقية الايات الاخيرة من بشارة متى
يقول الأستاذ محمد السعدي في هجومة المنشور في هذا المقال أن الاية رقم 19 من الاصحاح الأخير في بشارة متى غير موثوق بها
فقال سيادته نصًا
هناك شك فى موثوقية الايات الأخيرة من إنجيل متى 28 : 19
" فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. "
لأن فكرتى التثليث وعالمية الدعوة لم تكونا شائعتين فى عهد الحواريين وأن بولس الذى كتب رسالة قبل متى لم يذكر شيئا ً عن مواعظ المسيح بعد قيامته من الاموات
الرد
في المقال السابق قمنا بالرد على الاستاذ محمد السعدي في هجومه بأن دعوة المسيح كانت لليهود فقط، وأثبتنا بما لا يدع مجالاً للشك من أيات العهد القديم والعهد الجديد، وأقوال المسيح نفسه وتعاليمه ومعجزاته وأمثاله أن دعوته لكل العالم وليس لليهود فقط، وقبلها تم الرد عليه في كل هجومه على صحة قصة حياة المسيح المسجلة في البشارات أو الأناجيل الأربعة
يمكنك العودة الى المقالات السبع السابقة على هذه اللينكات
وإلى هذا المقال الثامن الذي نبدأ فيه الرد على هذا الموضوع بوجود التثليث في زمن المسيح أم لا وهل لبولس تأثير في هذا الأمر وهو ما سوف نناقشه في هذا المقال والمقال القادم لنرد على حقيقة وجود الثالوث قبل بولس من عدمه وذلك بالايات الكتابية في العهد القديم والعهد الجديد
1 – عرف بولس المسيح بعد أن ظهر له فى الطريق الى دمشق بعد أن قام المسيح
2- اعلن له ذاته وعلمه سنوات فى العربية
3- أوحى الله لبولس ليكتب كل الرسائل التى معنا فى العهد الجديد الان لنحيا بها
4- كون أن الله لم يوح لبولس ليكتب ما فعله المسيح فهذا لا يجعلنا نشكك فى اية من ايات الأنجيل موجودة ولم يحدث فيها أى خطا ومثبتة فى اقدم مخطوطات الكتاب المقدس وتناقلها المسيحيون على مر العصور كما أن الله قد أستخدم أربعة كتبوا الأنجيل بأساليب مختلفة تحوى نفس المضمون لتتناسب مع افكار وثقافات وعقليات مختلفة وأوحى لبولس أن يكتب تعاليم للمسيحين تكمل قصة حياة المسيح وصلبه وموته وقيامته
5- لقد أخذ بولس من المسيح وذكر مما فعله بحسب ارشاد الوحى الإلهى - ولكنه لم يسجل كل ما فعله المسيح - فمثلا ً فى رسالة كورنثوس الاولى 11 : 23 – 26 يقول
"لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا: إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزًا 24وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ:«خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي». 25كَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلاً: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي». 26فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ."
ولا أدرى من أين أتى سيادته بأن عالمية الدعوة والتثليث لم تكونا شائعتين وقت التلاميذوسنورد الكثير من الأيات التى تقول أن تلاميذ المسيح ومن أول يوم عرفوا أن الله واحد مثلث الأقانيم وأن دعوته كانت لكل العالم بلا حدود
6- اقتبس هذه الاية فى متى 28 : 19 من أباء الكنيسة كلا ً من اغناطيوس الأنطاكى نهاية القرن الأول واريناؤس فى القرن الثانى وترتليان فى القرن الثانى وكبريان فى القرن الثالث وهيبوليتس فى نهاية الثانى وبداية القرن الثالث ونوفتيان فى القرن الثالث ، فكل هذه الأقتباسات وغيرها الكثير تؤكد على صحة الاية ووجودها وتعميد المسيحيين على أساسها منذ بداية المسيحية
التثليث
العهد القديم
الفكر اليهودى المبنى على العهد القديم يدل بوضوح على أن اليهود يعرفون أن لله ابنا ً وطبعا ً ليس جسديا ً عن طريق الزواج – حاشا – بل فهموا أن لله ابنا ً بالمعنى الصحيح البسيط الذى يعنى أنه يعلن ذات الله وهو كلمة الله
- الايات التالية فى العهد القديم تؤكد ان الله واحد مثلث الاقانيم وهذا كان ايمان اليهود لما ذكرته التوراة ومنها
* تكوين 1 : 1 " فى البدء خلق الله السموات والارض " وجاء لفظ ( الله ) بلغة الجمع " الوهيم "
* تكوين 1 : 26 " نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا "
قال البعض ان هذا لغة تعظيم . ولكن هذا غير صحيح للاتى : -
1- لم تعرف اللغة العبرية لغة التعظيم
مثلا فى تكوين 41 : 17 قال فرعون " انى كنت فى حلمى واقفا على شاطئ النهر "
وغيرها من الايات لملوك تحدثوا بصيغة المفرد
2- تحدث الله عن ذاته بصيغة المفرد ففى تكوين 15 : 1 " انا ترس لك " وفى اشعياء 45 : 6 " انا الرب وليس اخر "
فلو الايات التى جاء فيها اسم الله بصيغة الجمع كانت للتعظيم لجاءت فى كل الايات بلغة التعظيم
3- لا يحتاج الله ان يعظم نفسه فهو عظيم فى ذاته وفى اعماله وفى كل شئ فهو لا يحتاج لذلك كالبشر الذين يشعرون بالنقص فيعظمون انفسهم
4- قال الله فى تكوين 3 : 22 " هوذا الانسان قد صار كواحد منا " ولا يصح ابدا ان نقول ان هذه لغة تعظيم فقوله " كواحد منا "
5- وفى تكوين 11 : 7 " هلم ننزل ونبلبل لسانهم " فقوله " هلم " لا تدل على تعظيم بل تداول بينه وبين اخر
6- وفى اشعياء 6 : 8 " من ارسل ومن يذهب من اجلنا " لاي يمكن ان يكون لغة تعظيم
7- الله فى اللغة العبرية لغة التوراة يسمى نفسه بأسمين : الوهيم تكوين 1 : 1 ويهوه خروج 3 : 15 وليس المقصود التعظيم والا لسمى نفسه دائما الوهيم ( الجمع ) فليس من المعقول ان يعظم نفسه احيانا ولا يعظمها احيانا
من كل هذا يؤكد العهد القديم ان الله له وحدانية جامعة
• فلا يقال مطلقا رؤساء او سادة لتعظيم رئيس او سيد بل للدلالة على وجود اكثر من رئيس وهكذا يراد بكلمة الوهيم انه اقانيم وليس اقنوم واحد
• الاسم الوهيم لم يستعمل عند ورود اسم الجلالة كالمتكلم والمخاطب بل ايضا كالمتكلم عنه ففى تكوين 1 : 1 " فى البدء خلق الله السموات والارض " وصيغة الجمع لا تستعمل للتعظيم إلا إذا ورد الفاعل كمتكلم عن نفسه فان ورود اسم الله بصيغة الجمع يدل على أن لله اكثر من تعين أو اقنوم
• فى هوشع 1 : 1 – 7
قَوْلُ الرَّبِّ الَّذِي صَارَ إِلَى هُوشَعَ بْنِ بِئِيرِي، فِي أَيَّامِ عُزِّيَّا وَيُوثَامَ وَآحَازَ وَحَزَقِيَّا مُلُوكِ يَهُوذَا، وَفِي أَيَّامِ يَرُبْعَامَ بْنِ يُوآشَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ. 2أَوَّلَ مَا كَلَّمَ الرَّبُّ هُوشَعَ، قَالَ الرَّبُّ لِهُوشَعَ: «اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًى وَأَوْلاَدَ زِنًى، لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ زَنَتْ زِنًى تَارِكَةً الرَّبَّ». 3فَذَهَبَ وَأَخَذَ جُومَرَ بِنْتَ دِبْلاَيِمَ، فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا، 4فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «ادْعُ اسْمَهُ يَزْرَعِيلَ، لأَنَّنِي بَعْدَ قَلِيل أُعَاقِبُ بَيْتَ يَاهُو عَلَى دَمِ يَزْرَعِيلَ، وَأُبِيدُ مَمْلَكَةَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. 5وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنِّي أَكْسِرُ قَوْسَ إِسْرَائِيلَ فِي وَادِي يَزْرَعِيلَ» 6ثُمَّ حَبِلَتْ أَيْضًا وَوَلَدَتْ بِنْتًا، فَقَالَ لَهُ: «ادْعُ اسْمَهَا لُورُحَامَةَ، لأَنِّي لاَ أَعُودُ أَرْحَمُ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ أَيْضًا، بَلْ أَنْزِعُهُمْ نَزْعًا. 7وَأَمَّا بَيْتُ يَهُوذَا فَأَرْحَمُهُمْ وَأُخَلِّصُهُمْ بِالرَّبِّ إِلهِهِمْ، وَلاَ أُخَلِّصُهُمْ بِقَوْسٍ وَبِسَيْفٍ وَبِحَرْبٍ وَبِخَيْل وَبِفُرْسَانٍ».
فى الاية 1 قول الرب ( يهوه ) واخلصهم بالرب ( يهوه ) فى اية 7 فالمتكلم فى النص هو الرب ويقول اخلصهم بالرب وهذه الاية تدل على وجود الاقانيم فى العهد القديم
الادلة على صدق أقوال هؤلاء الأنبياء :
1- الذين كتبوا هذه الأيات وهم موسى وداود واشعياء لم يكونوا وثنيين بل مؤمنين بالله وقد سجلوا وحى الله خروج 20 : 1 – 3
1ثُمَّ تَكَلَّمَ اللهُ بِجَمِيعِ هذِهِ الْكَلِمَاتِ قَائِلاً: 2«أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. 3لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي
وفى مزمور 16 : 2 – 4
2قُلْتُ لِلرَّبِّ: «أَنْتَ سَيِّدِي. خَيْرِي لاَ شَيْءَ غَيْرُكَ». 3الْقِدِّيسُونَ الَّذِينَ فِي الأَرْضِ وَالأَفَاضِلُ كُلُّ مَسَرَّتِي بِهِمْ. 4تَكْثُرُ أَوْجَاعُهُمُ الَّذِينَ أَسْرَعُوا وَرَاءَ آخَرَ. لاَ أَسْكُبُ سَكَائِبَهُمْ مِنْ دَمٍ، وَلاَ أَذْكُرُ أَسْمَاءَهُمْ بِشَفَتَيَّ.
وفى اشعياء 45 : 21 " أَلَيْسَ أَنَا الرَّبُّ وَلاَ إِلهَ آخَرَ غَيْرِي "
فهم لم ينقلوا هذه الايات عن الوثنيين فى ايات الوحدانية أو الأيات التى ذكرناها أن الله ليس اقنوما واحداً إنما اقانيم
فهم نقلوها عن الله بالوحى
2- هذه الايات ونظائرها ترد فى جميع اجزاء التوراة بواسطة اشخاص مختلفين فى الثقافة والنشأة والسن والبيئة وفى عصور مختلفة متباعدة ولم يتم الاشارة اليها تحديدا للفت الانتباه اليها بل موجودة فى سياق الايات
3- لو كانت هذه الايات مدونة فى توراة يحتفظ بها المسيحيون فحسب لكان هناك مجالا للطعن فى صدقها بدعوى احتمال تأليف بعض المسيحيين لها لتأييد عقيدة التثليث التى يؤمنون بها لكن التوراة التى يحتفظ بها المسيحيون المدون بها هذه الايات هى نفسها التى يحتفظ بها اليهود .
فاليهود فى العهد القديم يعرفون جيداً أن لله ابنا وهوما يقول صراحة أن الله تجسد فى صورة انسان لذا سأل رئيس الكهنة المسيح هل انت ابن الله فكيف لرئيس الكهنة اليهودى يسأل هذا السؤال إذا لم يكن فعلا ً لله ابنا ًومذكور فى التوراة عنه ولو شئ بسيط
كل ما هنالك انهم كانوا ينتظرون هذا الابن شخص حربى يحارب الرومان ويحرر اليهود من عبوديتهم للرومان ولما وجدوا المسيح محبا يصنع المعجزات وينتقد اليهود ولم يحارب الرومان قال له رئيس الكهنة " هل انت المسيح ابن الله " ؟
فى اللغة اليونانية جاء الحديث عن المسيح بلفظة مختلفة لا تعنى الوحى او الامر الالهى بل جاءت بمعنى اللوجوس اى عقل الله فكان الاولى الرجوع للاصل الذى يفرق بين معنى لفظة " كلمة " اى الوحى او الامر الالهى وبين " اللوجوس " عقل الله الناطق
المقال مقتبس من كتاب "موثوقية الأناجيل" لوثر خليل